(ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الحكم في التوراة وما حكمت وفقها قضية التوافق ، وأنهم كيهود يحكم لهم بالتوراة (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) بشرعتهم فضلا عن شرعة الإسلام ، فإنما هم يؤمنون بأهوائهم الهاوية وأهدافهم الغاوية.
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (٤٤).
(التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) كما أنزلناها ، وأما الضلالة والظلمة المتسربة إليها المترسبة فيها بأيدي المحرفين فليست داخلة في نطاق (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ) ف (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) لحكم الله ليس مجاله إلا التوراة النازلة من عند الله لا كل ما يسمى توراة.
وترى ما هو دور (الَّذِينَ أَسْلَمُوا) وصفا ل «النبيين» والإسلام لله كأصل هو من أبرز شروطات الرسالة فضلا عن النبوة التي هي أعلى منها؟ فهل يعني الإسلام الذي استدعاه إبراهيم لنفسه ولإسماعيل وذريته منه؟ وهؤلاء النبيون الحاكمون بالتوراة كلهم إسرائيليون! ثم وليس إسلامهم بذلك المحتد العظيم الإبراهيمي المحمدي! (الَّذِينَ أَسْلَمُوا) هنا من دوره إخراج المدعين النبوة في الإسرائيليين المعبر عنهم في التوراة والإنجيل بالأنبياء الكذبة ، فإنهم غير مسلمين لأية درجة منه فليس لهم ـ إذا ـ أن يحكموا بالتوراة.
ودور آخر أنهم اسلموا وحي التوراة خالصة غير كالسة للدين هادوا ،
__________________
ـ إليك حد الزاني فأنزل الله (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) يعني حدود الله فأخبره الله بحكمه في التوراة قال : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها) ـ إلى قوله ـ : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ).