بالهجوم انتقاميا عليهم في الشهر الحرام وفي الحرم ، هذا تعاون على الإثم والعدوان لذلك تذيّلت الآية بالتالية الآمرة بالتعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان.
وهنا ضابطتان اثنتان إيجابية وسلبية تجتثان كافة الاعتداءات المحظورة عن حقل الإيمان:
(وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ٢.
«البر» هو الخير الواسع من البرّ : الواسع ، والتقوى هي الاتقاء عن الشر واسعا وسواه ، فكما على المؤمن تحقيق الخيرات وترك الشرور شخصيا ، كذلك هما عليه جماعيا ، تعاونا بكافة القوات والإمكانيات عقليا وعلميا وعمليا ، نفسيا وماليا وما أشبه ، على البر والتقوى على أية حال ، دعوة إلى الخير ، وأمرا بمعروف ونهيا عن منكر وجهادا مترامية الأطراف في سبيل الله.
(وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ) وهو كل ما يبطئ عن الثواب كالخمر والميسر وما أشبه ، «والعدوان» بما يورثه ، وأصدق مصاديقه كأنجسها الخمر والميسر حيث يورثان العداوة والبغضاء ، فكل تعاون على الخمر تعاون على الإثم والعدوان ، ومنه بيع العنب ممن تعلم أنه يعمله خمرا ، كحمل الخمر وبيعها وكل محاولة لها ، وقد لعن رسول الله (ص) في الخمر كل معين ومعاون (١).
(وَاتَّقُوا اللهَ) في كل سلب أو إيجاب فرديا وجمعيا (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) على غير المتقين الطغاة.
ذلك! و «البر ما اطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس ، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك» (٢) وكذلك «البر
__________________
(١) راجع تفسير الآية «مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها» (٤ : ٨٥) من الفرقان.
(٢) الدر المنثور ٢ : ٢٥٥ ـ أخرج أحمد وعبد بن حميد في هذه الآية والبخاري في تأريخه عن وابصة ـ