__________________
ـ أقول : والكلام في الميتة هو الكلام في كل الأعيان النجسة ، والروايات متعارضة فيها فيرجع إلى إطلاقات مثل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) خرجت الانتفاعات المحرمة وبقيت الباقية في ظل الحل الطليق.
وفي رواية السكوني «ثمن الميتة من السحت» وتقابلها لو عنت ثمن الميتة في كل الانتفاعات رواية الصيقل قال : كتبوا إلى الرجل جعلنا الله فداك إنّا نعمل السيوف وليست لنا معيشة ولا تجارة غيرها ونحن مضطرون إليها وإنما غلافها من جلود الميتة والبغال والحمير الأهلية لا يجوز في أعمالنا غيرها فيحل لنا عملها وشرائها وبيعها ومسها بأيدينا وثيابنا ونحن نصلي في ثيابنا ونحن محتاجون إلى جوابك في المسألة يا سيدنا لضرورتنا إليها فكتب : اجعلوا ثوبا للصلاة.
ورواية تحف العقول إنما حرّم بيع الميتة وغيرها من النجاسات لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلب فيه فجميع تقلبه في ذلك حرام.
وفي مستطرفات السرائر عن جامع البزنطي صاحب الرضا (ع) في الصحيح قال سألته عن الرجل يكون له الغنم يقطع من ألياتها وهي احياء أيصلح أن ينتفع بها؟ قال : نعم يذيبها ويسرج بها ولا يأكلها ولا يبيعها.
ومما استدل به على حرمة كافة التصرفات في الميتة ، ما في الفقه الرضوي عن الرضا (ع) قال : أعلم يرحمك الله تعالى أن كل مأمور به على العباد وقوام لهم في أمورهم من وجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره مما يأكلون ويشربون ويلبسون ويملكون ويستعملون فهذا كله حلال بيعه وشراءه وهبته وعاريته وكل أمر يكون فيه الفساد مما قد نهي عنه من جهة أكله وشربه ولبسه ونكاحه وإمساكه لوجه الفساد مثل الميتة والدم ولحم الخنزير والربا وجميع الفواحش ولحوم السباع والخمر وما أشبه ذلك فحرام ضار للجسم وفساد للنفس.
(مستدرك الرسائل ب ٣ من أبواب ما يكتسب به ح ١ فقه الرضا ص ٣٣).
(١) هنا مما يحير العقول أن فقهاءنا احتسبوا العظم مما لا تحله الحياة كما في العروة الوثقى للسيد اليزدي رحمه الله ص ٣٠ ـ الرابع الميتة من كل ماله دم سائل حلالا أو حراما وكذا أجزاءها المبانة منها وإن كانت صغارا عدا ما لا تحله الحياة منها كالصوف والشعر والوبر والعظم والقرن والمنقار والظفر والمخلب والريش والظلف والسن.
ذلك وفي أحاديثنا استثناء كل نابت وإن كان في بعض عدّ العظم مما لا تحله الحياة ، والمقصود من النابت ما ليست فيه روح حيوانية وإلا فاللحم من أنبت النابت.
ذلك فالأقوى أن العظم والسن من الميتة نجس ، وقد استثنى من الميتة في نجاستها ما ليس له دم ، وفي الدم ما ليس سائلا أو المتخلف.