التحريم في أمثال هذه الموارد إلى سائر التصرفات بالروايات. تأمل.
وهل «الميتة» ـ هي فقط ـ ما ماتت بعد حياة ، أم والتي لم تحل فيه الحياة سواء المستعدة لحلول الحياة وسواها؟ (كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) تؤيد المستعدة للحياة وأن لم تحل فيها الحياة بعد ، حيث «الميتة» أعم مما حلت فيه الحياة أو لمّا تحل ، وهي تختلف عن «ماتت» الدالة على حلول الحياة قبل ، وأما غير المستعدة للحياة فلا تسمى ميتة ، و «الميتة» لغويا هي مخففة عن «الميّتة» وهي مصاحبة الموت ، وعل تاء التأنيث فيها اعتبارا بالأنعام أم وكافة الميتات اعتبارا بطليق «الميتة» الشامل لغير الأنعام ، فهي الحيوان الميتة.
والموت الذي يسبب التحريم هو الذي موضعه محلّل ذاتيا كبهيمة الأنعام وكافة ذوات اللحوم المحللة ، وأما المحرمة فليس موتها سببا لأصل التحريم ، بل هو سبب لتضاعفه ، إذا فكافة الميتات الحيوانية محرمة ، حلّها بالنص ومحرمها بالأولوية القطعية ، أو شمول الميتة لها.
فرع : إذا شك في جلد وسواه أنه من الميتة أم لا ، فإن كان في يد مسلم حكم له بالتذكية إلّا إذا تأكد أنه أخذه دون تحرّ عن كافر ، فإذا احتمل كونه من المزكّاة حكم بطهارته لأصالة الطهارة ، وعدم زكاته لأصالة عدم التذكية ، والقول إن الأصل عدم كونه ميتة حيث حرمت الميتة فلا بد من إحرازها ، مردود ب «إلا ما ذكيتم» حيث تفرض إحراز التذكية. والتحريم في هذه الإحدى عشر لا يعني ـ فيما يعنيه ـ النجاسة ، اللهم إلّا في لحم الخنزير (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) ذلك لأن النجس لا يحرم ملاقاته فإنما يحرم أكله ولكن حرمة الأكل أعم من نجاسة المأكول وعدمها.
ذلك وإن الجاهلية كانت تحلل الميتة مع تحريمها بعض الذبيحة قائلة : إنكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله؟ وقتيل الله محرم لا لأنه قتيل الله ، بل لما فيه من الضرر والفساد الذي ماتت بسببه ، مع أن قتيل الإنسان أيضا قتيل الله إذ (ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ).