٤ (وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ)
ذلك ومثلها في آية الأنعام والنحل ، ثم في البقرة (وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) وهو ما ذكر عليه عند ذبحه غير اسم الله ، والإهلال في الأصل هو رفع الصوت استهلالا لما يرام من بادئة خير ، يقال : أهل بالحج إذا لبى به ، واستهل الصبي إذا صرخ عند ولاده.
وقد كانوا يرفعون أصواتهم عند الذّبح باسم اللّات والعزى فحرمه الله وحرم الذبيحة المستهلة به ، فإنّ ذكر اسم الله هو أهم الشروط الأصيلة في الذّبح (١) ولا يختص اسم غير الله بأسماء الأصنام والأوثان والطواغيت ، بل وأسماء الرسل وسائر الصالحين فإنها تشملها «اسم غير الله».
وليس ذكر اسم غير الله ـ فقط ـ هو المحرّم والمحرّم للذبيحة ، بل المفروض ذكر اسم الله : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ...) (٦ : ١٢١) وقد تشمل (أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ) ما ينوى ذبحه لغير الله مهما لم يهل باسمه حيث الإهلال هو البداية في أمر سواء افتتح بذكر شيء أم لم يفتتح كما الاستهلال لا يضمن كلاما ، وقد يعني (أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) صوّت ، وهو أوّل صوت للموت ، فحين يصوت الذبيحة لغير الله فقد أهل لغير الله له ، وذلك بالنسبة للمشركين ، وأما المسلمين فلهم (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ... وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) فالتحريم الأغلظ موجّه إلى ما أهل به لغير الله ، ثم ما لم يذكر اسم الله عليه ولكلّ أهله.
__________________
ـ والحفاظ عليه شغل العصاة المتخلفين ، وفي الشعياء ٦٥ : ٤ و ٦٦ : ٧ ـ إن أكل لحم الخنزير كان من شريرة الأفعال اليهودية ، والبطرس الحواري في ٣ : ٢٢ من إنجيله يمثل طبيعة الخنزير الشريرة في رجعه بطبيعة العصاة أنهم كمثله يرتجعون إلى أفعالهم القبيحة ويلتذون بها.
(١) نور الثقلين ١ : ٥٨٥ فيمن لا يحضره الفقيه روى عبد العظيم بن عبد الله الحسين عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام أنه قال : سألته عما أهل لغير الله به؟ قال : ما ذبح لصنم أو وثن أو شجر حرم الله ذلك كما حرم الميتة ...