يقول : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (٦ : ٣٨) حشرا لعقوبة بظلم ومثوبة بصالح ما يفعل أو يفعل به ومنه ذبحها.
فكما أنّ المؤمنين يؤمرون بتضحية أنفسهم في سبيل الله تقديما لها عليها ، كذلك يسمح لهم بذبح حيوان بشروطه حفاظا على الأهم ، ثم مثوبة للذبيحة حين (إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) وقد يأتي القول الفصل حول حشر الدواب على ضوء الآية في نفس السورة.
(.. الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ٣.
«اليوم» وما أدراك ما ذلك اليوم ، فقد اختلفت الأمة الإسلامية في «ما هو ذلك اليوم» فعلينا البحث والتنقير في ظلال الآية نفسها ـ وبضمنها الروايات ـ حتى نعرف بيقين وإتقان يوم السلب والإيجاب ، سلبا لأطماع الذين كفروا من دينكم ، وإيجابا هو إكمال الدين وإتمام النعمة لكم.
«اليوم» هنا حسب الظاهر وقضية وحدة الصيغة هو يوم واحد حصلت فيه أربعة أمور هامة لم تكن تحصل من ذي قبل ، مهما أعدّت معداته :
١ (يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ..) ٢ (أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) ٣ (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) ٤ (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
فهنا بين الأركان الأربعة يتقدم جانب السلب : «يئس ...» على مثلث الإيجاب في هندسة عمارة الدولة الإسلامية السامية بقيادتها الروحية والزمنية.
فما لم ييأس الذين كفروا من دينكم ليس له كمال ولا لنعمته تمام ولا لأصله رضى ، إذا فهذه الأضلاع ترسم (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) في حاكمية «الله» منذ ذلك اليوم كما يرضاه.