فالكتابي الموحد هو طاهر قطعا حيث تشمله آية المائدة دون آية التوبة دون ريب ، والكتابي المشرك هو المصداق الأكثري لآية المائدة ، مدلولا لها بطهارته دون ريب ، وعند التشكك فالأصل هو الطهارة بعد أصل النسخ لآية التوبة بالمائدة.
ذلك ، وفي نظرة أوسع ننظر إلى «نجاسة الكفار» في زواياها ، هل هي نجاسة أبدانهم لمكان الجراثيم المسرية؟ والكفر هو نجاسة نفسية ليست لتسري إلى البدن!.
أم هي خساسة مؤثرة في الروح كلحم الخنزير؟ ولا يؤكل بدن الكافر حتى يؤثر خساسة في الروح!.
أم هي نجاسة سياسية قررت لكي يتجنب المسلمون الكفار حتى لا يضلوا بمجالستهم؟ والسياسة الإسلامية كأصل هي سياسة الجذب للكفار وليست هي الدفع! اللهم إلا في حقل موالاتهم ، وأما مجاراتهم جذبا للإيمان ، أو تخفيفا لوطئتهم ضد الإيمان فمحبور غير محظور.
والتحذر عن الزلة والضلالة بمجالستهم يكفيه التحذير عنها دون تنجيسهم مطلقا ، فقد يجالسهم المستضعف فيضل ولكنه ـ على نجاستهم ـ يطهر نفسه ، ثم الداعية الإسلامية مفروض عليه مجالستهم بصورة حبيبة ودّية لا تناسبها نجاستهم ، والمسلم الذي لا يتأثر بمجالستهم كما لا يؤثر لا يصح منعه عن مجالستهم فإنها قد تؤثر فيهم إذ لم يؤثر دعايتهم الإسلامية ، فليست الفتوى بنجاسة الكفار سياسة سليمة ، بل هي سياسة الدفع والنفي ، وهي تنافي روح الإسلام في كل أبعاده الأحكامية والدعائية حيث يتبنى الجذب لا الدفع.
أو يقال «طعام» في الآية هو ـ فقط ـ الحبوب وأمثالها غير المرطوب؟ والطعام في سائر القرآن يشمل كل ما يطعم حتى الماء : (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ