(كَثِيرٌ مِنْهُمْ) وقليل هم مؤمنون برسالة الإسلام
ذلك ومن عماهم الأعمى وصممهم الأصم إفسادهم مرتين عالميتين كما شرحناهما في الأسرى ولأن «عموا وصمو» كما (حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) كل ذلك الثالوث من فعلهم تقصيرا دون قصور ، ولم يكن من الله إلّا أن (تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ) فقد ذاقوا بما قصروا وبال أمرهم وما ربك بظلّام للعبيد.
فقد نقضوا ميثاق الله الذي واثقهم به بتكذيبهم وقتلهم أنبياء لهم ، ثم حسبوا ألّا تكون فتنة ، ثم عموا وصموا ، ثم ـ بعد أن تاب الله عليهم ـ عموا وصموا مرة ثانية.
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٧٣) :
هنا عرض لعقيدة ـ هي عقدة العقد ـ في اللّاهوت المسيحي (إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) و (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) : الإله الأب والروح القدس والابن ، بتأويل أنّ الله تنزّل عن لاهوت الألوهية فتجسّد في رحم البتولة العذراء فتمثل بشرا سويا! فهو ـ إذا ـ الله أم «مريم» بديلة عن «روح القدس» كما تدل عليه (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ).
ففي الحقول الكنسية اقتسمت الألوهية بين الله والمسيح وأمه وروح القدس ، ولكن الحظوة العليا في هذا البين للمسيح الذي لا يخلو دور الألوهية منه إلها أم ابنا لله أم أقنوما من الأقانيم الثلاثة مهما كان غير ابن ،