«ومالنا» استفهام استنكار لعدم الإيمان بعد مجيء الحق الناصع ، أن الحق بنفسه مطلوب فطري وعقلي ، ولا سيما في رجاء الرحمة على ضوء الإيمان به (وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ) الذين سبقونا بصالح الإيمان.
فالإيمان بالله هنا رأس الزاوية ، (وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ) من الله هو شرعة الحق ، (وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا) هو النتاج الآجل ـ بعد العاجل ـ للإيمان الحق ، وهذه هي أصول الدين بفروعه في الشرعة القرآنية.
(فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) (٨٥):
(... بِما قالُوا) قولة الإيمان والعمل الصالح دون مجرد قولة اللسان ، وهذه الإثابة مما يبرهن لنا أن (أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا) ليسوا كل النصارى ، وإنما هم الموصوفون بهذه المواصفات الناحية منحى الإيمان ، دون الناحية عن الإيمان أو العوان بين الإيمان واللّاإيمان.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ)(٨٦) :
تلك هي ضفّة صالح الإيمان ، وهذه ضفّة كالح الكفر وبينهما متوسطات بين (فَأَثابَهُمُ اللهُ) و (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) فقد يعذبون قدر ما يستحقون ثم مصيرهم إلى الجنة.
ذلك ، ولأن جدد الإيمان من المسيحيين ظلوا شيئا مّا على الرهبانية المبتدعة فأثرت في المسلمين ، لذلك تأتي هدى من الله تعدل هذه الحالة إلى ما شرّعه الله :