الوسط النسبي : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) (٥٧ : ٢٧).
إذا فالرهبانية المكتوبة عليهم كانت مشروطة بشروط وملابسات خاصة أمام اليهود ، ثم نسخت في شرعة الإسلام مع سائر ما نسخ من أحكام توراتية أو إنجيلية ، فما كانت الرهبانية المكتوبة كأصل من شرعة الناموس ، بل هي كتابة مؤقتة لمصلحة خاصة في ملابسات خاصة غير مستمرة ولا راجعة ، فلا رهبانية ـ إذا ـ في الإسلام.
وهنا «لا تعتدوا» نهي عن الاعتداء في حقل الطيبات في جانبي الإفراط والتفريط ، فمن الإفراط تحريم طيبات ومن أنحسه الإخصاء الذي صمم عليه بعض المجاهيل من المسلمين ، ومن التفريط تحليل البعض من غير الطيبات ، كما وهو نهي عن الاعتداء على الله وعلى نفسك وسواك
ثم (طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ) تعم الطيبات الجنسية نكاحا محللا ، وطيبات المساكن والملابس والمطاعم والمشارب ، دون أي إفراط أو تفريط.
ولقد ورد في الآثار المروية عن النبي (ص) وأئمة أهل بيته الأطهار عليهم السلام التنديد الشديد بتحريم ما أحل الله بألفاظ مختلفة عدة ، مما يشعرنا بملابسة خاصة عند نزول هذه الآية ، وإن الرهبنة المدسوسة بين المسلمين ما كانت تقف لحد مثل ترك المقويات والمشهيات حتى لا يشتهي النساء ، ثم وترك إتيان النساء ، فقد وصلت إلى العزم على الإخصاء والجبّ وما أشبه فنهى عنها النبي (ص) ونزلت هذه الآية والتي في الأعراف وأضرابهما مما تحلل الطيبات (١).
__________________
(١) في الدر المنثور ٢ : ٣٠٧ ـ ان رجلا أتى النبي (ص) فقال يا رسول الله (ص) إني إذا ـ