نفسه ، بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة ، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ليس تباعده بكبر وعظمة ، ولا دنوه بمكر وخديعة» (الخطبة ١٩١ / ٣٧٦).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٩٤) :
هنا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) دون خصوص الحرم ، و (بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ) دون تقيد بصيد الحرم قد تدل على الحظر عن الصيد كأصل ، فأصله محظور والاعتداء فيه أشد حظرا حيث (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).
فحين تنال الصيد الأيدي والرماح بسهولة فهنا الابتلاء ، فليس لغير المحتاج إليه أن يناله على وفره ، وليس للمحتاج أن يناله أكثر من سؤله (١) كما وليس للحرم نيل منه على أية حال ، فطالما البلوى بالصيد الوفير لغير الحرم غير خطير ، فهي للحرم خطير خطير (٢).
وطالما صيد اللهو حيث لا يعنى إلّا إياه حرام على أية حال ، فمطلق صيد البر حرام على الحرم على أية حال مهما كان لحاجة ، وهذه الآية تبيّن حرمة الصيد كأصل ثم التالية تغلظ حرمته وأنتم حرم.
وهنا مواصفة «الصيد» ب (تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) دليل اختصاصه بصيد البر ، وكما في آيات عدة.
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦٧١ في الكافي علي بن ابراهيم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله سبحانه وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ) قال : حشر عليهم الصيد في كل مكان حتى دنا منهم ليبلوهم الله به.
(٢) المصدر عن أبي عبد الله (ع) في الآية قال : حشرت لرسول الله (ص) في عمرة الحديبية الوحوش حتى نالتها أيديهم ورماحهم.