هو الذي يميّز بينهما : (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٨ : ٣٧) فمآل الخبيث الفضيحة مهما طال وكثر ، كما أن مال الطيب كحاله النصوع فقد (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً(١)كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ. تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ. يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (١٤ : ٢٧).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (١٠١) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ)(١٠٢) :
هذه الآية تقتسم السؤال عن أشياء إلى محظور ومحبور اعتبارا بالعاقبة المحظورة والمحبورة ، فالسؤال هو كسائر الموضوعات التكليفية بحاجة إلى سماح لولاه فليس محبورا سواء أكان محظورا أم سواه.
فالسؤال عما لا يتوجب على السائل علمه ولا يرجح غير محبور ، فإن نفس السؤال محظور على أية حال إلّا فيما يرجح علمه على جهله ، وهنا محور الحظر (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) فكما الإساءة إلى النفس دون مبرر هو أرجح منها محظور ، كذلك السؤال عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم.
ذلك ، ومن السؤال في غير موقفه ما يشدّد التّكليف كما تسائل بنو إسرائيل حول البقرة (١) كما منه ما يسيء في نفسه حين يبدو كأن يسأل
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٣٣٥ ـ اخرج ابن حبان عن أبي هريرة ان رسول الله (ص) خطب فقال ايها الناس ان الله تعالى قد افترض عليكم الحج فقام رجل فقال : لكل عام يا ـ