في دينها ، لا يقتصون أثر نبي ، ولا يقتدون بعمل وصي ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب ، يعملون في الشبهات ، ويسيرون في الشهوات ، المعروف فيهم ما عرفوا ، والمنكر عندهم ما أنكروا ، مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم ، وتعويلهم في المهمات على آرائهم ، كأن كل امرئ منهم إمام نفسه ، قد أخذ منها فيما يرى بعرى ثقات وأسباب محكمات» (الخطبة ٨٦ / ١٥٧).
وحين يصل أمر التقليد الأحمق والضلال الأعمق إلى ذلك العمق من الحمق فلا تفيد دلالة ولا هدى ف :.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١٠٥) :
ترى هكذا يؤمر الداعية الرسالية والرساليون المؤمنون به؟ وهي (عُذْراً أَوْ نُذْراً)؟ لا يسمح للداعية ترك الدعوة مهما كان المدعوون صلتين هكذا وصلبين! وقد سجن ذا النون إذ ذهب مغاضبا تاركا للدعوة الرسالية وهم مصرون على الضلال!.
فعلى الداعية مواصلة الدعوة (عُذْراً أَوْ نُذْراً) ولا سيما رسل الله ، فمهما كان (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ولكن ليس سواء عليك ، فإن في استمرار الدعوة الرسالية قطع لأعذار هؤلاء الذين قد يعتذرون بانقطاع الدعوة ، وفسح لمجال الهدى للذين قد تؤثر في هداهم تواتر الدعوة!.
هنا يخاطب (الَّذِينَ آمَنُوا) لا الرسول ، فإن رسالته غير رسالتهم إذ هي أعلى وأنبل ، ثم (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) فرض أصلي لا حول عنه على أية حال ، ثم إذا أثرت دعوتكم فيمن سواكم فواقع لفرض آخر ، وإذا لم تؤثر