وهنا «بربهم» تنديد شديد في «يعدلون» حيث المعترف بالربوبية الكبرى الإلهية كيف يسمح لنفسه أن يعدل به من المربوبين الذين لا يربون أنفسهم فضلا عمن سواهم.
و «يعدلون» من «العدل» لا «العدل» إذ العدل لا يتعدى بالباء فإنما عدل فيهم ـ بينهم ـ عليهم ـ و «بربهم» دليل آخر بعد دليل التنديد أنه جعل عدل وندّ ، فهم يعدلون بربهم من المربوبين.
فالعدل قد يكون عدلا وهو بين المتساويين في الكمال ، وهو من أعدل العدل ، وقد يكون ظلما وهو بين المختلفين في الكمال ولا سيما بين الرب والمربوب وهو من اظلم الظلم.
ثم العدل الظلم هو في كل دركاته ظلم ، عدلا بذات لله أم بصفاته أم بأفعاله ، عدلا في ألوهيته أو في ربوبيته ، عدلا في معبوديته وحرمته أم أيّ عدل به من خلقه.
فذلك محظور في كافة حقوله حتى في عبارة اللفظ فضلا عن اعتقاد الجنان وعمل الأركان.
__________________
ـ عليهم السلام قد نهوا عنه فقال الصادق (ع) : لم ينه عنه مطلقا ولكنه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن أما تسمعون قول الله تعالى : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقوله تعالى : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ـ إلى أن قال ـ : «قال الصادق (ع) ولقد حدثني أبي الباقر عن جدي علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أنه اجتمع يوما عند رسول الله (ص) أهل خمسة أديان اليهود والنصارى والدهرية والثنوية ومشركو العرب ـ إلى أن قال بعد سرد الحجج كلها وقد تأتي في المتن قطاعات منها ـ قالوا : ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد أنك رسول الله وقال الصادق (ع) قال امير المؤمنين (ع) فأنزل الله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي ..) وكان في هذه الآية رد على ثلاثة اصناف ..».