كما يقوله الثنوية ، فإنما الله هو الذي جعل الظلمات كما جعل النور ، كلّا لمصلحة ابتلائية تربوية في عالم الاختيار والاختبار ، دون تسيير لا إلى النور ولا إلى الظلمات ، فإنما (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ).
ذلك! (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) :
(الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) الخالق للسماوات والأرض الذي جعل الظلمات والنور ، «يعدلون» به غيره ، عدلا للظلمات بالنور وهم يعرفونها! كما «الذين كفروا» ـ «بربهم» ذلك الخالق الجاعل «يعدلون» عدلا به من خلقه وهم ظلمات بالنسبة لخالق النور والظلمات.
فذلك العدل الانحراف الانجراف تطارده وحدة الخالقية والخالقية الوحيدة غير الوهيدة ، تسوية بالله سواه وهي ضلال مبين : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٢٦ : ٩٨).
(أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (٢٧ : ٦٠) ـ (وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (٦ : ١٥٠) كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا (١).
ذلكم الله (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) بالله سواه عدلا بين الظلمات والنور وبين الجور والعدل» (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٠١ في تهذيب الأحكام في الموثق عن أبي عبد الله قال : «وإذا قرأتم (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ان يقول : كذب العادلون بالله ، قلت لهم فان لم يقل الرجل شيئا من هذا إذا قرأ؟ قال : ليس عليه شيء ...».
(٢) المصدر عن أبي ابراهيم (ع) قال : «لكل صلاة وقتان ووقت يوم الجمعة زوال الشمس ثم تلا هذه الآية قال : «يعدلون بين الظلمات والنور وبين الجور والعدل» وفيه «كذب العادلون بالله إذ شبهوه بمثل أصنامهم وحلوه حلية المخلوقين بأوهامهم ، ـ