(وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) أنفسهم حيث (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) تقصيرا في يوم لقاء الله ، وهم في حملهم أوزارهم كالدواب الموقرة بالأحمال وأضل سبيلا ، فإن حمل الدواب هو لصالحها وصالح أصحابها ، وحمل هؤلاء طالح لطالح حالهم ومآلهم.
وهنا (يا حَسْرَتَنا) بما يرون من منازل الثواب والعقاب ، لا سيما على حد المروي عن الرسول (ص): «الحسرة أن يرى أهل النار منازلهم من الجنة في الجنة فتلك الحسرة»(١).
ذلك والحسرة يومئذ تحيط بأهلها لحد سمي ذلك اليوم يوم الحسرة : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٩ : ٣٩) ـ (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ. أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) (٣٩ : ٥٦) (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (٢ : ١٦٧) ـ وترى «لقاء الله» هنا هو فقط لقاء الآخرة؟ فما ذا تعني (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) وهم لا يكذبون به في البرزخ!.
إنه لقاء الله يومي الجزاء ، ف «حتى» لمن هو حي عند قيام الساعة هي منتهى الغاية لتكذيبهم أولاء ، ولمن هو ميت قبله فالموت هو منتهى غايتهم.
فقد (كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) ساعة الموت وساعة القيامة.
ولكن الحسرة الحاسرة الأصيلة الحاصرة هي التي تحصل لأهلها يوم
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٩ ـ اخرج جماعة بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : ...