الآخرة حيث (يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) ذلك! :
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)(٣٢) :
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) ـ وهي الدانية دنيئة ودنوا ـ حياة (إِلَّا لَعِبٌ) هو للطفولة «ولهو» هو لأشباه الطفولة وأضل سبيلا حيث يلتهون بها عما يعنى إنسانيا وإيمانيا (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ) من الدنيا ، لمن؟ (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) دون الذين يطغون ، فان الدنيا خير لهم من الآخرة ، فالدنيا سجن للمؤمن وجنة للكافر (أَفَلا تَعْقِلُونَ) أخذا لهذه الحقائق المعقولة ، لأن عقولكم معقولة بعقالات الهوى.
وترى الحياة الدنيا ـ وهي مدرسة الصالحين ومبعثة المرسلين ـ هي ـ فقط ـ لعب ولهو ، فأين يحصل ـ إذا ـ ثواب الله يوم الآخرة لو لا الحياة الدنيا؟.
هذه الحياة لها واجهتان اثنتان ، دني دنية هي للذين رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ، ودني عالية هي للمطمئنة نفوسهم بالله ، فالدنيا لهم مدرسة ومكرسة ومزرعة للآخرة ، فالمؤمن دنياه آخرة لأنها مزرعة الآخرة ، والكافر آخرته دنيا لأن دنياه مزرءة الآخرة.
إذا فدنيا المتقين هي الحياة الأدنى دنوا إليهم ، وهي في نفس الوقت لهم حياة عالية تتلوها أخرى هي العليا ، ودنيا الطاغين هي الحياة الدنيئة إذ يخسرون فيها أنفسهم ويخسرون الآخرة وهي لهم أخزى.
ذلك ولأن النتيجة الحسنى خير من الأعمال المنتجة لها ، ف (لَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) و «خير» هنا ـ كضابطة ـ أفعل تفضيل ، فلو لم تكن الحياة الدنيا لهم فضيلة لما كانت الآخرة لهم الفضلى.
فإن «أهل الدنيا ركبتهم وعبّدتهم فتدللوا لسلطانها فخسروا الدنيا