ذلك ويداه المبسوطتان في الإنفاق يقضي على قيلة «فرغ من الأمر» (١) أنه خلق ما خلق ثم أمسك حيث خول أمر التدبير إلى خلقه أم جعل أمرهم فوضى جزاف.
ثم الفراغ من الأمر قد يكون بعد خلقه الخلق ألّا تدبير له فيهم كما في قيلة اليهود ، ولكنه هو الخالق للخلق كله ، أم وأفضح منه أنه خلق الخلق الأول ثم سائر الخلق يخلقه الخلق الأول والثاني كما في خرافة العقول العشرة سنادا إلى قاعدة بائدة متفلسفة : «الواحد لا يصدر منه إلّا واحد» فلأن الله واحد بحقيقة الوحدة فلا يصدر منه إلّا خلق واحد!.
رغم أن هذه القاعدة فاشلة في العلل الخلقية فضلا عن الخالق.
__________________
ـ غير ما يقول كانت حسنة لم تعملها قال وقال موسى يا رب احبس عني كلام الناس فقال الله عزّ وجل : لو فعلت هذا بأحد لفعلته بي.
(١) نور الثقلين ١ : ٦٤٩ في عيون الأخبار في باب مجلس الرضا (ع) مع سليمان المروزي بعد كلام طويل له (ع) في اثبات البداء وقد كان سليمان ينكر ثم التفت إلى سليمان فقال : أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب؟ قال : أعوذ بالله من ذلك وما قالت اليهود؟ قال : قالت اليهود يد الله مغلولة ، يعنون ان الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئا فقال عزّ وجلّ : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا) وفي كتاب التوحيد باسناده إلى إسحاق بن عمار عمن سمعه عن أبي عبد الله (ع) انه قال في قول الله عزّ وجلّ : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) لم يعنوا انه هكذا ولكنهم قالوا : قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص وقال الله جلّ جلاله تكذيبا لقولهم : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ..) الم تسمع الله عزّ وجل يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).
وفي الدر المنثور ٢ : ٢٩٦ عن ابن عباس قال رجل من اليهود يقال له النباش بن قيس ان ربك بخيل لا ينفق فأنزل الله (وَقالَتِ الْيَهُودُ ..).
وفي تفسير القمي قال : قالوا قد فرغ الله من الأمر لا يحدث غير ما قدره في التقدير الأول فرد الله عليهم فقال : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) أي يقدم ويؤخر ويزيد وينقص وله البداء والمشيئة.