ذلك ، وليست وصمة العداوة والبغضاء على اليهود والنصارى لازبا لهم لزاما لأنهم ـ فقط ـ أهل الكتاب ولمّا يسلموا ، إنّما هي لكفرهم وتكذيبهم بآيات الله وكيدهم على شرعة الله :
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٦٥) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ) (٦٦) :
«لو» هنا وهناك تحيل مدخلوها واقعيا لا إمكانيا ، فالواقع الأكثري من أهل الكتاب عدم الإيمان والتقوى وإقامة الكتاب ، (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ) بكتابهم «واتقوا» مخالفة الكتاب إلى ما يهوون (لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) التي عملوها (وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ).
وليس الإيمان بالكتاب ـ فقط ـ هو قراءته والإعتقاد به ، بل هو إقامته عمليا كما يقام عقيديا ولفظيا ، إذ ليس الكتاب الرباني إلّا لإصلاح واقع الحياة دون تصورها فقط والإعتقاد بذلك التصور.
فإقامة التوراة والإنجيل هي بعد الانتساب إليهما والإقرار بهما ، عبارة عن تحقيق محتوياتهما في ميادين العمل والتبشير ، فقد يذهب العلم بالكتاب حين لا ينتفع به كما يروى عن النبي (ص) «يوشك أن يرفع العلم .. حين تركوا أمر الله» (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٢٩٧ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير ان رسول الله (ص) قال : يوشك أن يرفع العلم قلت كيف وقد قرأنا القرآن وعلمناه أبناءنا؟ فقال ثكلتك أمك يا ابن نفير ان كنت لا أراك من افقه أهل المدينة أو ليست التوراة والإنجيل بأيدي اليهود والنصارى فما اغنى عنهم حين تركوا امر الله ثم قرأ (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ..) وفيه عن زياد بن لبيد قال ذكر النبي (ص) فقال وذلك عند ذهاب أبنائنا ـ