فلأن إيمان الكثير من أهل الكتاب بالآخرة قليل ضئيل قصورا منهم وقصورا في كتبهم لتحرفها عن الآخرة ، الصالحة للإيمان ، لذلك فهم لا يؤمنون بالقرآن تصلّبا على شرعتهم القومية ، مصلحية الحفاظ عليها بالمنظر الأدنى إخلادا على هذه الأدنى.
أجل وليس الإسلام هو الشرعة الوحيدة التي يؤمن بها من يؤمن بالآخرة لأنها فقط شرعة التوحيد الصالح والرسالة الصالحة وما أشبه كما يقوله قوالون ، إنما هو المهيمن على ما بين يديه من كتاب ومصدق لصادق الوحي فيها ، ولا يندد القرآن إلّا بالمحرّف المجدف فيها ، فليحذر الكتّاب والقارئون ذلك المزلق الخطير الذي يخيل إلى البسطاء أنه خدمة للإسلام.
(وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) لأنها أفضل الصلات إلى مرضات الله وأحوط الحياط على حرمات الله.
فإفراد الصلاة بالذكر بعد التوحيد والمعاد صراحا والإيمان بالقرآن بينهما ، ذلك دليل الأهمية البالغة للصلاة بين كافة الصلات ولكن شرط المحافظة عليها بكلّ المتطلبات المعرفية والعملية فيها ، فإنها ـ إذا ـ عمود الدين ، وقد اعتبرت إيمانا بين سائر العبادات : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (٢ : ١٤٣) فإنها واردة في حقل الصلاة عند غيار القبلة ، كما ولم يعبر عن سائر المعاصي بالكفر وقد عبر به لترك الصلاة ف «من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر».
هنا تختم هذه الجولة المتلاحقة الأشواط بمشهد شاخص حي مكروب رعيب ـ مشهد الظالمين ـ والله من ورائهم رقيب :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ