لكن «لا تطرد» ليست إلّا ك «لا تشرك» ـ (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وما أشبه.
تدليلا على أنهم أحرجوا موقفه من المؤمنين الفقراء ، فلا يعني نهيه إلّا إيّاك أعني واسمعي يا جارة ، لييأسوا عن طرده إياهم عساهم لا يطاردونه في عدم طردهم.
ذلك! وهل نزلت في أصحاب الصفة حيث كان رسول الله (ص) يتعاهدهم بنفسه فقيل فيهم ما قيل فقال الله فيهم ما قال (١)؟ والسورة كلها
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٣ ـ اخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عمر بن عبد الله بن المهاجر مولى غفرة أنه قال : في أسطوانة التوبة كان اكثر نافلة النبي (ص) إليها وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها وقد سبق إليها الضعفاء والمساكين واهل الضر وضيفان النبي (ص) والمؤلفة قلوبهم ومن لا مبيت له إلّا المسجد ، قال وقد تحلقوا حولها حلقا بعضها دون بعض فينصرف إليهم من مصلاه من الصبح فيتلو عليهم ما أنزل الله عليه من ليلته ويحدثهم ويحدثونه حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى فلم يجدوا اليه مخلصا فتاقت أنفسهم إليه وتاقت نفسه إليهم فأنزل الله (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ ...) فلما نزل ذلك فيهم قالوا يا رسول الله (ص) لو طردتهم عنا ونكون نحن جلساءك وإخوانك لا نفارقك ، فأنزل الله : (وَلا تَطْرُدِ ...) إلى منتهى الآيتين.
وفي نور الثقلين ١ : ٧٢٠ روى الثعلبي بإسناده عن عبد الله بن مسعود قال : مر الملأ من قريش على رسول الله (ص) وعنده صهيب وخباب وبلال وعمار وغيرهم من ضعفاء المسلمين فقال : يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك ، أفنحن نكون تبعا لهم ؛ أهؤلاء الذين من الله عليهم ، اطردهم عنك فلعلّك إن طردتهم اتبعناك فأنزل الله : «وَلا تَطْرُدِ ..» وفيه عن تفسير القمي في الآية فانه كان سبب نزولها انه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون اصحاب الصفة وكان رسول الله (ص) أمرهم أن يكونوا في صفة يأوون إليها وكان رسول الله (ص) يتعاهدهم بنفسه وربما حمل إليهم ما يأكلون وكانوا يختلفون الى رسول الله (ص) فيقربهم ويقعد معهم ويؤنسهم وكان ـ