ثم ولا يحصل القطع الخالي عن أية ريبة بالطرق غير القطعية كالرؤيا ودليل العقل في الأحكام الفرعية ، والإجماع والشهرة وحتى الإطباق ، اللهم إلّا لمن هو قطّاع يقطع بأقل لمحة ، فهو ـ إذا ـ من قطاع طريق الحق ، والقرآن يعبر عن كل علم أو قطع وما دونهما من غير طريق الوحي القاطع ، يعبر عن كل ذلك بالظن ، إذا فأين الحجية الذاتية للقطع شرعيا ، مهما كانت حجة عرفية أماهيه؟.
ثم الذاتي لا يتخلف ولا يختلف عن الواقع أبدا ، ونحن نرى تخلفات في قطعيات ـ حتى الحاصلة من الكتاب والسنة ـ فضلا عما سواها ، والفارق بين القطعين حجية الحاصل من دليل الوحي بدليل الوحي ، وعدم حجية ما سواه.
ذلك ، وقد لا نجد آية تعم كافة المحرمات كهذه ، حيث شملت الصغائر إلى الكبائر ، والمتعديات إلى سواها ، في مثلث القال والحال والفعال ، وثالوث ١ المقدمات ٢ والأصول ، متعدية إلى محرمات أخرى ٣ وسواها ، فواجب التقوى يشملها كلها مهما اختلفت درجاتها حسب اختلاف دركات المحرمات.
وبتقسيم آخر للمحرمات نقول الجنايات خمس حسب النواميس الخمسة ، فمنها الجناية على العقول كشرب الخمر وما أشبه من مطعوم أم دعايات تزيل العقل أو تخففه ، وهي مشمولة ل «الفواحش والإثم والبغي بغير الحق».
ومنها الجناية على النفوس كقتل النفس وهي مشمولة لهذه الثلاثة ، أو على الأعراض كالزنا وكذلك الأمر ، أو على الأموال وهكذا الأمر ، أو على الأديان وهي الإشراك بالله والقول بغير علم على الله.
ولأن النواميس الخمس محرمة الضياع ومفروضة الحفاظ في كافة شرائع الله ، فهذه الخمس المسرودة هنا وهي عبارة أخرى عن هذه النواميس ، هي المحرمات الأصلية التي حرمت في كافة شرائع دون أي نسخ أو تحوير.