فقد شملت هذه الآية كافة صنوف المحرمات صغيرة وكبيرة ، ما ظهر منها وما بطن ، بنوعياتها وآثارها ، بأصولها ومقدماتها وغاياتها ، فلم تبق أية محرمة مفصلة في شرعة الله وغير مفصلة إلّا وهي داخلة في هذه الآية الضابطة لها كلها!.
ذلك ، وجملة القول أن طاعة الله الصالحة هي أن يطاع كما يريد ، لا كما تريد وهو يريد أن تحصل على علم الطاعة من وحيه فقط ، وأما غيره فهو من دخول الدار من غير بابها ، فحتى أن حصلت على علم واقع من غير طريق الوحي المقرر له طريقا خاصة ، فذلك مرفوض.
وترى إن أمرك المولى أن تدخل داره من مدخل خاص وحذّرك أن تدخله من سائر المداخل ، فهل لك أن تدخلها من سائرها.
وهكذا الله أمرنا بما أمرنا ، ثم أمرنا أن نحصل على معرفة أوامره من طريق وحيه لا سواه ، إذا فلا حجة في هذه السبيل إلّا وحيه لا سواه.
فكما أن من فسر القرآن برأيه أخطأ أو أصاب ، ومن أفتى بغير علم أخطأ أو أصاب ، ومن حكم بحكم له هو ليس بأهله أخطأ أو أصاب ، كان طريقه إلى النار.
كذلك من حكم بحكم أنه من الله وهو ليس من أهله ، أم هو من أهله ولكنه يحكم بغير الوحي ، فهو أخطأ أو أصاب كان طريقه إلى النار.
فليس فقط على المكلفين أن يطبقوا ما يعلمون من أحكام الله ، بل وعليهم أن يعلموها مما قرره الله ، وهو علم أو إثارة من علم ، فالعلم هو كتاب الوحي ، وأثارة من علم هو السنة القطعية الرسالية على هامشه ، ثم لا علم صالحا من غير هذين الطريقين الصالحين.
ذلك ، وحين يختص علم النبي بطريق الوحي دون عقليته البارعة أم سواها ، فكيف يعم علم من سواه في حقل الشرعة طريق الوحي إلى سواه.
فقد والله قال الله ما يحتاجه المكلفون إلى يوم الدين في إذا عتي الكتاب والسنة.