وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس :
رجل منافق مظهر للإيمان ، متصنّع بالإسلام ، ولا يتأثّم ولا يتحرّج ، يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا ، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقوا قوله ، ولكنهم قالوا : صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رآه وسمع منه ويقصّ عنه فيأخذون بقوله ، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ، ووصفهم بما وصفهم به لك ، ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان ، فولّوهم الأعمال ، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس ، فأكلوا بهم الدنيا ، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلّا من عصم الله ، فهذا أحد الأربعة ـ
ورجل سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا لم يحفظه على وجهه ، فوهم فيه ولم يتعمد كذبا ، فهو في يديه ويرويه ويعمل به ويقول : أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوا منه ، ولو علم هو انه كذلك لرفضه ـ
ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا يأمر به ثم إنه نهى وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه ـ
وآخر رابع لم يكذب على الله وعلى رسوله ، مبغض للكذب خوفا من الله ، وتعظيما لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يهم ، بل حفظ ما سمع على وجهه ، فجاء به على ما سمعه ، لم يزد فيه ولم ينقص منه ، فحفظ الناسخ فعمل به ، وحفظ المنسوخ فجنب عنه ، وعرف الخاص والعام ، فوضع كل شيء موضعه ، وعرف المتشابه ومحكمه ـ
وقد كان يكون من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الكلام له