وجهان : فكلام خاص وكلام عام ، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله سبحانه به ، ولا ما عنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه ، وما قصد به وما خرج من أجله ، وليس كل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من كان يسأله ويستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيء الأعرابي والطارئ فيسأله (عليه السّلام) حتى يسمعوا ، وكان لا يمر بي من ذلك شيء إلا سألته عنه وحفظته ، فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم» (الخطبة ٢٠١).
ذلك ، فكيف نثق بحديث المعروف بالثقة وعلّه ١ منافق أو فاسق ، ٢ أم إن كان في الحق ثقة علّه تقبّله ممن عرفه بالوثوق وليس ثقة ، ٣ أم إنه وارد مورد التقية وهو لا يعرف ، ٤ أم هو منقول بالمعنى الذي لم يعن منه ، ٥ أو تقطّع أن سقط عنه ما يدل على صالح معناه ، ٦ أو منسوخ بحديث آخر أم آية ، وما أشبه من كوارث الحوادث في الحديث.
فما ذا تفيد صحة السند حين يحتمل الحديث مختلف الاحتمالات ، وإنما تسد صحة السند ثغر التعمد على الكذب بواقع الثقة.
وإنما الوثوق مرتكن على سلامة المتن من التهافت والتبعثر ، وموافقة الكتاب والسنة ، أو عدم مخالفتهما ، وعدم المعارض الذي يجعله غير معلوم الصدور ، وكون أحد السندين أوثق من الآخر لا يجعله معلوم الصدور ، فهو داخل في النهي : (لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)!.
إذا فلا دور لصحة السند إلا ضمانا لعدم تعمد الكذب ، دون ضمان لصدوره دون تقية ولا نسخ ولا سلامة عن النقل بالمعنى ولا تقطع وما أشبه.
ذلك ، ولأن العلم ثلاثة ، علم يحلّق على الواقع كله وهو مختص بالله سبحانه أو ومن علّمه بوحيه ما علّمه ، وهذا لا يقبل الخطأ ، وعلم هو أضيق من الواقع وهو الحاصل من غير الوحي ، وهذان قسمان اثنان : علم يحصل من طريق الكتاب والسنة بشروطه ، وآخر يحصل من غيرهما أو