اللَّيْلِ) (٢٢ : ٦١) وآية السلخ (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) (٣٦ : ٣٧).
هذه كلها إشارات متقنة لكروية الأرض ودورانها ، ولم تكن الظروف النازلة فيها القرآن تسمح للتصريح بذلك إذ كان يواجه بالتكذيب سنادا إلى الحس ، والعلم حينذاك.
فهذه وأضرابها من الإشارات اللطيفة القرآنية المعبر عنها بالبطون ، كانت لا بد منها في ذلك الكتاب المحلق على كافة المكلفين منذ نزوله إلى يوم الدين.
فقد يعبر عن حركات الأرض ب «الراجفة» و «الكفات» و «الذلول» تدليلا واضحا على أن الأرض محكومة بحركات متداخلة فهي «راجفة» وانها مسرعة في الطيران متقبضة على سطحها وفضاءها الكائنين فيها : أحياء وأمواتا «كفاتا» وأنها على حركاتها معدّلة لحد لا تحس (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً) وما أشبه.
وهنا يقول الإمام علي (عليه السّلام): «وعدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها وذوات الشناخيب الصم .. فسكنت على حركتها من أن تميد بأهلها أو أن تسيخ بحملها». ذلك ، وأمامنا اليوم صورة رائعة للأرض بواسطة الأقمار الصناعية تبين لنا كيف يدخل الليل في النهار تدريجيا ويتكور عليه ، وكلها أدلة علمية فلكية قرآنية على كروية الأرض ودورانها حول نفسها وحول الشمس.
ثم وخلق (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ) حالكونها مسخرات ككل «بأمره» حيث سخرها للخلق انتفاعا لهم منها ، دون تدبير رباني لها بأصولها : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) (١٤ : ٣٣) وذلك يختلف اختلافا ما عما سبقها في الآية نفسها : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ) فان لنا تأثيرات في الفلك والأنهار دون الشمس والقمر والليل والنهار.
هذا ، وكما أن (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) في ظاهر التكوين ، كذلك ـ وبأحرى ـ شمس الرسالة القدسية وقمرها ونجومها في