ذلك ، وقد يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : «أنا محمد النبي الأمي أنا محمد النبي الأمي أنا محمد النبي الأمي ولا نبي بعدي أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه وعلمت خزنة النار وحملة العرش فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم فإذا ذهب بي فعليكم كتاب الله أحلوا حلاله وحرموا حرامه» (١).
ثم (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ) لها صلة ب (هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ) أكثر من الصلة بما قبلها ، فإن ذلك الإتباع يتبع الإيمان «بآياتنا» التي منها البشارات المودوعة في التوراة والإنجيل ، مهما كان ل «يتقون» أصلا ول (يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) فرعا ، صلة تحضيرية للإيمان «بآياتنا» فإن الذي لا يتقي الله ليس ليؤمن بآيات الله.
وليس «يتبعون» تختص بالعائشين زمن الرسالة المحمدية (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحرم عن رحمتها الشاملة هؤلاء الذي ماتوا قبلها ، بل هم الذين حضروا أنفسهم لذلك الإتباع ـ إن عرفوه ـ عمليا إن أدركوها ، وهم متبعوها علميا وعقيديا مهما لم يدركوها ، إذا فالإتباع يشمل كلا الفعلية والشأنية علميا وعقيديا وتطبيقيا ، فالأولان حاضران على أية حال ويبقي الثالث لدوره الواقعي وهو منذ ابتعاث هذا الرسول النبي الأمي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهنا بشارة بنزول الإنجيل بعد التوراة في واجب ذلك الإتباع كما ونجدها في التوراة في عدة آيات تبشر بظهور الرب من ساعير وما أشبه.
ذلك ، وترى الخمسة الباقية من الثمانية هي من ميزات هذا الرسول
__________________
ـ أظلم معاهدا ولا غيره فلما ترحل النهار أسلم اليهودي وقال : شطر مالي في سبيل الله ، أما والله ما فعلت الذي فعلت بك إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة : محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا متزين بالفحشاء ولا قوال للخنا.
(١) الدر المنثور ٣ : ١٢١ ـ أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو بن العاصي قال : خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوما كالمودع فقال : أنا ...