محمد لكسفام ..» : محمد لفضتهم ، حيث تعني الجزية التي يأخذها منهم ، وقد رموه بالجنون والحمق كما في الآية (٧) : «.. النبي أحمق. إنسان الروح مجنون من كثرة إثمك وكثرة الحقد» وكما مضى من ذي قبل.
فقد برز محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) المحقود في بيت إسرائيل ، المرمي بالحمق والجنون ، وهو الموصوف بالنبي الأمي صاحب الروح والوحي ، برز أنه «فخ صياد في جميع طرقه» وهي طرق الدعوة الرسالية ، برز هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله وسراجا منيرا ، فخّ للشاردين ، صياد للواردين ، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر (١).
ثم (يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) كما أحلت أو حرمت في سائر شرائع الله ، ولكنه إحلال وتحريم أبديان لا يتغيران أو يتطوران ، وقد كان في الشرعة التوراتية تحريمات ابتلائية أم عقوبية موقتة وتحليلات ، مما أصبح من ميّزات الشرعة الإنجيلية تحليل بعض ما حرم عليهم : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ..) (٣ : ٥٠) ومن «الطيبات» التي يحلها هي المحرمة على الذين هادوا عقوبة ، ومن الخبائث التي يحرمها هي التي حللوها كالخمر وما أشبه ، ثم يقر سائر الخبائث على تحريمها وسائر الطيبات على إحلالها ، فليس بدعا من الرسل يخالف خط الرسالة وسنتها الشاملة.
ثم (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) فقد أشير إليهما في (أشعياء ٢٨ : ١٢) بخلال التعريف بالقرآن :
«اشر آمر إليهم زئت همنوحاه هانيحو لعايف وزئت همرجعاه ولا آبوء شموع» (٢) ـ :
«الذين قال لهم هذه هي الراحة فأريحوا الرازح وهذه هي الرفاهية
__________________
(١). راجع «رسول الإسلام في الكتب السماوية» و «الفرقان ١ : ٣٦١ تجد تفصيل هذه البشارة.