وهنا الروايات المتعارضة في حيل الربا معروضة على (وَحَرَّمَ الرِّبا) حيث إن واقع الربا لا يزول بهذه المحاولات المزاولات (١).
ذلك ، وهنا يجدر ذكرى إمام المتقين علي (عليه السّلام) حيث
__________________
(١) للاطلاع الواسع على أحكام الربا ومواضعها ومواضيعها راجع هنا الفرقان (٤ : ٣٠٧ ـ ٣٦٠).
ومما يمنع عن أمثال هذه الحيل ما في النهج عن علي (عليه السّلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال له : يا عليّ إن القوم سيفتنون بأموالهم .. ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية فيستحلوا الخمر بالنبيذ والسحت بالهدية والربا بالبيع».
وفي الدر المنثور ١ : ٣٦٧ ـ أخرج أبو داود وابن ماجة والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره».
وعن الإمام الرضا (عليه السّلام) في حكمة حرمة الربا : «.. لأن الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهما وثمن الآخر باطلا ، فبيع الربا وشراءه وكس على كل حال على المشترى وعلى البائع» (الوسائل ١٢ : ٤٢٤).
وتقابل هذه النصوص ، روايات أخرى تحاول تحليل الحيل في حقل الربا ، كما في التهذيب ٢ : ١٤٦ صحيح البجّلي قال : سألته عن الصرف فقلت له : أشترى ألف درهم ودينارا بألفي درهم؟ فقال : لا بأس بذلك ، إن أبي كان أجرأ أهل المدينة مني وكان يقول هذا فيقولون : إنما هذا الفرار ، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم ولو جاء بألف درهم لم يعط ألف دينار ، وكان يقول : «نعم الشيء الفرار من الحرام إلى الحلال».
وفي المصدر صحيح آخر عنه قال : كان محمد بن المنكدر يقول لأبي جعفر (عليهما السّلام) يا أبا جعفر رحمك الله والله إنا لنعلم أنك لو أخذت دينارا والصرف ثمانية عشر فزرت المدينة على أن تجد من يعطيك عشرين ما وجدته وما هذا الفرار؟وكان أبي يقول : «صدقت والله لكنه فرار من الباطل إلى الحق».
وفي ثالث عنه : «لا بأس بألف درهم ودرهم بألف درهم ودينارين ، إذا دخل فيها ديناران أو أقل أو أكثر فلا بأس» (التهذيب ٢ : ١٤٥).
فرغم صحة أسناد هذه الثلاثة ، هي مضروبة عرض الحائط لأنها تحلل الأكل بالباطل بهذه الحيلة الغيلة ، وكلاهما محرمان بآيات تحرّم الأكل بالباطل وتحرّم الربا وتحرّم الحيلة كآية (يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ).