ذلك ولقد وبخ مجاهيل من المتقشفين البعض من أئمة الدين على جميل الثياب فانعكس عليهم الأمر بتوبيخ الله في هذه الآية (١) مما يدل على أن الانتفاع من زينة الله في غير محظور محبور ، مأكلا ومشربا وملبسا ومسكنا ومنكحا.
ف «اعلموا يا عباد الله أن المتقين جازوا عاجل الخير وآجله ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم ، أباحهم الله في الدنيا ما كفاهم به وأغناهم ... سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت ، وأكلوها بأفضل ما أكلت ، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم فأكلوا معهم طيبات ما يأكلون وشربوا من طيبات ما يشربون ، ولبسوا أفضل ما يلبسون ، وسكنوا من أفضل ما يسكنون ، وتزجوا من أفضل ما يتزوجون ، وركبوا من أفضل ما يركبون ، وأصابوا اللذة مع أهل الدنيا وهم غدا جيران الله ، يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون ، لا ترد لهم دعوة ، ولا ينقص لهم نصيب من اللذة ، فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل» (٢).
ذلك ، ولما يسئل الإمام علي (عليه السّلام) : فعلى ما اقتصرت
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢١ عن الكافي علي بن محمد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن علي رفعه قال : مر سفيان الثوري في المسجد الحرام فرأى أبا عبد الله (عليه السّلام) وعليه ثياب كثيرة القيمة حسان ، فقال : والله لآتينه ولأوبخنّه فدنا منه فقال : يا ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما لبس رسول الله مثل هذا اللباس ولا علي (عليه السّلام) ولا أحد من آبائك ، فقال له أبو عبد الله (عليه السّلام) كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في زمان قتر مقتر وكان يأخذ لقتره وقتاره وان الدنيا بعد ذلك أرخت عزاليها فأحق أهلها بها أبرارها ثم تلا (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ) فنحن أحق من أخذ منها ما أعطاه الله ، غير أني يا ثوري على ما ترى عليّ من ثياب إنما لبسته للناس ، ثم اجتذب يد سفيان فجرها ثم رفع الثوب الأعلى وأخرج ثوبا تحت ذلك على جلده غليظا فقال : هذا لبسته لنفسي غليظا وما أريته للناس ، ثم اجتذب ثوبا على سفيان أعلاه غليظ خشن وداخل الثوب لين فقال : لبست هذا الأعلى للناس ولبست هذا لنفسك تسترها.
(٢) نور الثقلين ٢ : ٢٣ في آمالي الشيخ الطوسي باسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) حديث طويل يقول فيه : ..