نفوسهم ، وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله ، وأسبابا ذللا لعفوه ، فالله الله في عاجل البغي ، وآجل وخامة الظلم ، وسوء عاقبة الكبر ، فإنها مصيدة إبليس العظمى ، ومكيدته الكبرى ، التي تساور قلوب الرجال مساورة السموم القاتلة ، فما تكدي أبدا ، ولا تشوي أحدا ، لا عالما لعلمه ، ولا مقلا في طمره ، وعن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات والزكوات ، ومجاهدة الصيام في الأيام المفروضات ، تسكينا لأطرافهم ، وتخشيعا لأبصارهم ، وتذليلا لنفوسهم ، وتخفيضا لقلوبهم ، وإذهابا للخيلاء عنهم» (١٩٠) ـ
ف «أحي قلبك بالموعظة ، وأمته بالزهادة ، وقوه باليقين ، ونوره بالحكمة ، وذلله بذكر الموت ، قرره بالفناء ، وبصره فجائع الدنيا ، وحذره صولة الدهر وفحش تقلب الليالي والأيام ، وأعرض عليه أخبار الماضين ، وذكره بما أصاب من كان قبلك من الأولين» (٢٧٠) ـ
فيا لله من ذلك القلب المتقلب الذي أحتل الإمامة الكبرى في كيان الإنسان ككل ، ف «لقد علق بنياط هذا الإنسان بضعة هي أعجب ما فيه وذلك القلب ـ بضعة من روحه ـ وله موارد من الحكمة وأضداد من خلافها ، فان سنح له الرجاء أذله الطمع ، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص ، وإن ملكه اليأس قتله الأسف ، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ ، وإن أسعده الرضا نسي التحفظ ، وإن ناله الخوف شغله الحذر ، وإن اتسع له الأمن استلبته الغرة ، وإن أفاد مالا أطغاه الغنى ، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع ، وإن عضته الفاقة شغله البلاء ، وإن جهده الجوع قعد به الضعف ، وإن أفرط به الشبع كظة البطنة ، فكل تقصير به مضر ، وكل إفراط له مفسد» (١٠٨ ح).
و «إن للقلوب شهوة وإقبالا وإدبارا ، فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها ، فإن القلب إذا أكره عمي» (١٩٣ ح) ـ