(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(٢٥).
انها فتنة شاملة حاملة الذين عدلوا إلى الذين ظلموا ، أو ليس هذا ظلما بالذين لم يظلموا أن يسوّوا بالذين ظلموا في هذه الفتنة؟ أم كيف تتقى وتقوى العدول هي خير وقاية ، فإن كان هؤلاء غير متقين فهم من الذين ظلموا.
وإن كانوا متقين فكيف ـ إذا ـ يتقون؟ إنها فتنة وليست ـ فقط ـ عذابا حتى لا يشمل غير الذين ظلموا ، فتنة شاملة واختبار هي للذين ظلموا شر ودمار ، ولكنها لغير الظالمين فتنة عليهم أن يتقوها ويقوا أنفسهم منها حتى يتخلصوا عنها ناجحين ، مهما هلكت فيها أبدانهم وفنيت أموالهم.
فالفتن الربانية أنماط وأشكال يتعاكس الأمر فيها للذين اتقوا على الذين ظلموا ، فقد تكون فتنة خير وسعة ، وأخرى فتنة شر وضيق (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) (٢١ : ٣٥) فالذين آمنوا واتقوا هم ناجحون والذين فسقوا وطغوا هم ساقطون : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) (٩ : ٤٩).
فمن جملة الفتن التي (لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) فتنة الخلافة بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) (١) وعن النبي (صلّى الله
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٤٢ عن العياشي عن عبد الرحمن بن سالم عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية قال : أصابت الناس فتنة بعد ما قبض الله نبيه حتى تركوا عليا وبايعوا غيره ، وهي الفتنة التي فتنوا بها وقد أمرهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) باتباع علي (عليه السلام) والأوصياء من آل محمد (عليهم السلام).