المحاظير المشار إليها من ذي قبل.
إنهم هم أنفسهم إضافة لهم إلى أنفسهم كما ذريتهم في الفلك المشحون : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (٣٦ :) ٤١) وقد فسرتها آية الحاقة : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) (٦٩ : ١١) فذريتهم هم أنفسهم حالكونهم ذرية.
فقد ـ والله أعلم ـ (أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) أخذ (مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ) أولا : بني آدم ـ ذريتهم (عَلى أَنْفُسِهِمْ) فالمأخوذون هم بنو آدم بأسرهم ، لا كما هم بعد خلقهم ، وإنما «من ظهورهم» إيحاء إلى الأصل الأصيل من كيانهم وهو «ذريتهم» ، دون الفصيل من ولدهم وليكونوا في ذلك الأخذ كائنين بظهورهم ، فليس ـ إذا ـ في كون قبل كونهم.
وترى إذا «من ذريتهم» هم من أنفسهم بأرواحهم وأجسادهم كما هم بعد خلقهم؟ وليسوا هم هكذا ذرية لأنفسهم! وإنما هو كون لهم قبل كونهم ، فهم ـ إذا ـ آباء أنفسهم! أم كون أوّل لهم قبل كونهم الأخير؟ فلا يصح القول (مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) حيث يتطلب كونهم الحالي قبل كونهم الحالي ، تقدم الشيء على نفسه!.
ثم من هذا الذي يذكر ذلك التساءل وحتى أفضل المؤمنين فضلا عن أدناهم أو المشركين؟ فلهم الحجة ـ إذا ـ (إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ)! ثم أنى لهم من آباء وهم كل «بني آدم» دونما استثناء! حيث يعم كل الآباء والأبناء في الطول التأريخي الإنساني ، فلا حجة إذا للمشركين منهم لو لا المسائلة (أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ).
أو ترى «ذريتهم» هم بأبدانهم دون أرواح ، نطفأ أم كما هم الآن؟ و «ذريتهم» ليست هي كل أبدانهم! والنطف دون أرواح لا تعقل حتى تشهد على أنفسها أم تتساءل عن وحدة إلهها! حقيقة أو تقديريا و «هم» المربع في كلمات الآية : الأربع «ظهورهم ـ ذريتهم ـ أشهدهم ـ على أنفسهم» دليل الحياة العقلية هناك حينذاك! ولا يرجع ضمير العاقل إلى