الإنساني ، وكما في آيات خطاب السماء والأرض (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) (٤١ : ١١) وعديدة من آيات التكوين : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣٦ : ٨٢).
ف «إذ» لا تعني زمنا سابقا على خلقة «بني آدم» ولا «أخذ» تعني واقع أخذ الفطر من ظهور الأرواح ، ولا (أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) تعني إشهادا واقعا قبل خلقهم ، ولا (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) سؤال لفظي عن الفطر ، ولا (قالُوا بَلى) إجابة في قوله باللسان.
فقد تعني «إذ» كل زمن خلق ويخلق فيه من بني آدم ، وهو مثلث الزمان إلى يوم القيام و (أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) تصوير فني منقطع النظير لما يفعله تعالى ببني آدم حين يخلقهم ، أنه يتبنى العصمة في أعمق أعماق كيان الإنسان كإنسان ، والأفعال الماضية هنا تشمل مثلث : زمن الخلق لبني آدم ، ومن مضى منهم لمضيّه ، ومن يستقبل لتحقق وقوعه كمضيه ، فلم تكن مسائلة قبل خلقهم ، فإنما ، وعلى حد المروي عن الصادق (عليه السلام): جوابا عن سؤال : كيف أجابوا وهم ذر قال : «جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه» (١) فالتساؤل ـ إذا ـ تقديري
__________________
(١) في الكافي وتفسير العياشي عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) كيف أجابوا وهم ذر؟ قا : وكان محمد أول من قال بلى ، قال : كانت رؤيته معاينة فأثبت المعرفة في قلوبهم ونسوا ذلك الميثاق وسيذكرونه بعد ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ولا من رازقه (البرهان ٢ : ٥٠ ح ٢٦).
وفي المحاسن عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) قال : كلّ ذلك معاينة فأنساهم المعاينة وأثبت الإقرار في صدورهم ولو لا ذلك ما عرف أحد خالقه وإلا رازقه وهو قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ).
ذلك ، والمروي عن علي (عليه السّلام): «إني لأذكر الوقت الذي أخذ الله على فيه الميثاق» كما أخرجه ابن المغازلي في المناقب (١٠٠) بسنده عنه (عليه السلام) انه قرء عليه أصبغ بن نباتة هذه الآية فبكى (عليه السلام) أقول : انه قد يعني الميثاق الخاص ، أم وميثاق الفطرة معرفة كاملة ، دون عالم قبل خلقه يسمى الذر.