لا واقع له قبل خلقهم ، فهو تصوير فني عما قدر في ذات الإنسان بصورة المسائلة وليس بها.
ثم (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) كخلفية لهذا الأخذ : أنهم شهدوا أنفسهم دون ستار ، فعرفوها دون غبار ، فأشهدوا على أنفسهم بحكم الفطرة أنه تعالى ربهم ، حيث تصرخ الفطرة من أعماقها عند السؤال (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ـ تصرخ صارحة : (بَلى شَهِدْنا) شهدنا أنفسنا وشهدنا على أنفسنا أنها في حاق ذاتها موحدة لله تعالى!
ولقد «صنع منهم ما اكتفى به» (١) حجة لوحدانيته عليهم ، وعلّ الأخذ تعني ذلك الصنع ، وهو (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) وقد يعنيه المروي عن الصادق (عليه السلام) تفسيرا للآية : «نعم لله الحجة على جميع خلقه أخذهم يوم أخذ الميثاق هكذا وقبض يده» (٢) فالأخذ هو
__________________
(١) وفيه ٣٦٢ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) قالوا بألسنتهم؟ قال : نعم وبقلوبهم فقلت وأي شيء كانوا يومئذ؟ قال : صنع منهم ما اكتفى به.
أقول «وبقلوبهم» عله تفسير لقوله : نعم بألسنتهم حيث يعني لسان الحال ، الذي يبدو في أحبائه في المقال و «صنع منهم ما اكتفى به» هو اكتفاء الحجة حيث صنع فيهم الفطرة التي تحكم في ذاتها بتوحيد الله.
وفي تفسير القمي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في آية الميثاق قلت : معاينة كان هذا؟ قال : نعم فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه.
(٢) وفي تفسير العياشي عن زرارة قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ).