ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) (١٣ : ١١).
فحين يغيّر المنعمون ما بأنفسهم وجاه الله ووجاه نعم الله ، تبديلا للنّعمة نعمة ، فقد يغير الله تلك النعمة نقمة ، فالنعمة ابتلاء ، إذا صرفت في مرضات الله ازدادت ونمت ، وإذا صرفت عن مرضات الله فندت ونفت (أَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
ذلك وإن الله قضى قضاء حتما ألا ينعم على العبد فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة (١) «وليس شيء أدعى إلى تغيير نعم الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم فإن الله سميع دعوة المظلومين وهو للظالمين بالمرصاد» (٢) ف «إياك والدماء وسفكها بغير حلها فإنه ليس شيء أدعى لنقمة ولا أعظم لتبعة ولا أحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة من سفك الدماء بغير حقها» (٣).
وليس فقط أن الله يغير النعمة نقمة إذا غيروا ما بأنفسهم كفرانا لنعمة ، بل ويغير النقمة نعمة إذا غيروا ما بأنفسهم شكرانا لنعمة أم جبرانا لكفران ، وأين غيار من غيار ، شرّ إلى خير جزاء وفاقا (٤).
فقد يملك الإنسان أن يستجلب نعمة الله لنفسه أو يستبقيها ويستزيدها
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ١٦٣ في أصول الكافي عن أبي عمرو المدايني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول : ...
(٢ ـ ٣). نهج البلاغة عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
(٤) المصدر عن الكافي عن الجزري قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : إن الله عزّ وجلّ بعث نبيا من أنبياءه إلى قومه وأوحى إليه أن قل لقومك أنه ليس من أهل قرية ولا ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحب إلى ما أكره إلا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحب إلا تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبون ... وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «ما دام العبد يعرف نعم الله عنده فإن الله لا ينزع منه نعمة حتى إذا جهل النعمة ولم يشكر الله عليها إذ ذاك حري أن ينزع منه» (مجلة الفرقان العدد الثالث المجلد ٦١ ص ٣٨٩).