(وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) مظلومين مهضومين (وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ) الغائظة على تلك الحالة المخزية المزرية (وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) منكم مقاتلين ومن هؤلاء المظلومين المقتص لهم ، ثم ومن الناقضين الذين قد يتوبون إلى الله عما نقضوا وأبغضوا الله ورسوله حين يرون نصرا كمؤمنين ، إحساسا لهم أنهم منصورون بغير ظاهرة القوة الحربية ، فتفتح بصيرتهم على الهدى.
(وَاللهُ عَلِيمٌ) بكل ما حصل ويحصل وما هو صالح أم طالح لكم ولمن سواكم «عليم» بالعواقب المخبوءة وراء هذه التقدمات ، «حكيم» فيما يأمر وينهى ويقضي ويقدر ، «حكيم» يقدر نتائج الأعمال والحركات والنيات.
ذلك ، فطبيعة الحال تقضي بأن المؤمنين تغيظ قلوبهم بما يلمسون من مثل ذلك الكبت الشديد والنقض العنيد ، فذلك العذاب بأيديكم المؤمنة والخزي للناقضين ونصرتكم عليهم ، إن فيها لشفاء لصدورهم عما جرحت وضيقت وحرجت ، وإذهابا ـ بالنتيجة ـ لغيظ قلوبهم.
ولقد تجري هذه الآية فيمن يدعي الإسلام ، وهو ناقض لعهده مفض يديه منه حيث يعامل المسلمين كما يعامل الكافرون (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ١٩٠ عن تفسير العياشي عن علي بن عقبة عن أبيه قال : دخلت أنا والمعلى على أبي عبد الله (عليه السلام) فقال : ابشروا أنكم على أحدي الحسنيين شفى الله صدوركم وأذهب غيظ قلوبكم وأنا لكم على عدوكم وهو قول الله (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) وإن مضيتم قبل أن يروا ذلك مضيتم على دين الله الذي رضيه لنبيه (صلّى الله عليه وآله وسلم) ولعلي (عليه السلام) ، وفيه عنه أبي الأغر اليمني قال : إني لواقف يوصفني إذا نظرت إلى العباس ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب شاك في السلاح على رأسه مغفر وبيده صفيحة يمانية وهو على فرس أدهم إذ هتف به هاتف من أهل الشام يقال له عرار بن أدهم يا عباس هلم إلى البراز ، قال : ثم تكافى بسيفهما مليّا من نهارهما لا يصل واحد منهما إلى صاحبه لكمال لأمته إلى أن لاحظ العباس وهيا في درع الشامي فأهوى إليه بالسيف فانتظم به جوانح الشامي وخرّ الشامي صريعا بخده وأمّ في الناس وكبر الناس تكبيرة ارتجت لها الأرض فسمعت قائلا يقول : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ) ـ