من (قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) وليس العلم قبل واقع المعلوم سببا للمعلوم ، إنما هو كاشف عنه ، سواء أكان سببا له إلى كونه كاشفا ، أم ليس هو السبب بل إنما هو كاشف ، وهكذا «لقد ذرأنا».
وفي احتمال ثالث قد يصح «ذرأنا» بما ذرأ الله وسائل النار والذرايع إليها كما ذرأ الذرايع إلى الجنة ، ولكنها كما العلم بها ليست مسيّرة لهما إلى عمل الجنة ولا عمل النار.
فقد خلقنا الله مختارين وهدانا النجدين خيرا وشرا ، وخلق ما نختاره من خير أو شر ، ولم يسيّرنا لا إلى أسباب الجنة ولا إلى أسباب النار ، ثم وذرائع الجنة هي أكثر بكثير من ذرائع النار ، فلا خلقه هذه الذرايع وإيانا ولا خيرنا تسيير ، ولا علمه بما سوف نعمله تسيير ، فإنه «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين».
(وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٨١) وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (١٨٤) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ