__________________
ـ قال : قد قلنا ذلك ، فقال : إذا قلتم ذلك فلم منعتمونا أن نقول : إن عيسى ابن الله؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنهما لن يشتبها لأن قولنا إن إبراهيم خليل الله فإنما هو مشتق من الخلة والخلة إنما معناها الفقر والناقة وقد كان خليلا إلى ربه فقيرا وإليه منقطعا وعن غيره متعففا مستغنيا وذلك لما أريد قذفه في النار فرمى به في المنجنيق فبعث الله تعالى جبرئيل (عليه السلام) فقال له : أدرك عبدي فجائه فلقيه في الهواء فقال حلفني ما بدا لك فقد بعثني الله لنصرتك فقال : بل حسبي الله ونعم الوكيل إني لا أسأل غيره ولا حاجة لي إلا إليه فسمي خليله أي فقيره ومحتاجه والمنقطع إليه عمن سواه ، وإذا جعل معنى ذلك من الخلة وهو أنه قد تخلل معانيه ووقف على أسرار لم يقف عليها غيره كان الخليل معناه العالم به وبأموره ولا يوجب ذلك تشبيه الله بخلقه ، ألا ترون أنه إذا لم ينقطع إليه لم يكن خليله وإذا لم يعلم بأسراره لم يكن خليله وإن من يلده الرجل وإن أهانه وأقصاه لم يخرج عن أن يكون ولده ، لأن معنى الولادة قائم ، ثم أن وجب لأنه قال لإبراهيم خليلي أن تقيسوا أنتم كذلك فتقولوا : إن عيسى ابنه وجب أيضا أن تقولوا له ولموسى ابنه فإن الذي معه من المعجزات لم يكن بدون ما كان مع عيسى فقولوا : إن موسى أيضا ابنه ، وانه يجوز أن تقولوا على هذا المعنى أنه شيخه وسيده وعمه ورئيسه وأميره كما قد ذكرته اليهود ، فقال بعضهم لبعض : وفي الكتب المنزلة أن عيسى قال : أذهب إلى أبي ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن كنتم بذلك الكتاب تعلمون فإن فيه : أذهب إلى أبي وأبيكم فقولوا : إن جميع الذين خاطبهم عيسى كانوا أبناء الله كما كان عيسى ابنه من الوجه الذي كان عيسى ابنه ، ثم إن ما في هذا الكتاب يبطل عليكم هذا الذي زعمتم أن عيسى من جهة الاختصاص كان ابنا له لأنكم قلتم إنما قلنا أنه ابنه لأنه اختصه بما لم يختص به غيره وأنتم تعلمون أن الذي خص به عيسى لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى : أذهب إلى أبي وأبيكم فبطل أن يكون الإختصاص بعيسى لأنه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى وأنتم إنما حكيتم لفظة عيسى وتأولتموها على غير وجهها لأنه إذا قال : أبي وأبيكم فقد أراد غير ما ذهبتم إليه ونحلتموه وما يدريكم لعله عنى : أذهب إلى آدم أبي وأبيكم أو إلى نوح أن الله يرفعني إليهم ويجمعني معهم وآدم أبي وأبيكم وكذلك نوح بل ما أراد غير هذا ، قال : فسكت النصارى وقالوا : ما رأينا كاليوم مجادلا ولا مخاصما وسننظر في أمورنا ، الحديث ، وفي آخره قال الصادق (عليه السلام) : فو الذي بعثه بالحق نبيا ما أنت على جماعتهم إلا ثلاثة أيام حتى أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسلموا وكانوا خمسة وعشرين رجلا من كل فرقة خمسة وقالوا : ما رأينا مثل حجتك يا محمد نشهد أنك رسول الله.