(١٣) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ دلالة معجزة على صدق محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا يوم بدر فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ في دينه وطاعته وهم الرسول وأصحابه وَفِرْقَة أُخْرى كافِرَةٌ وهم مشركوا مكّة يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ يرى المشركون المسلمين مثلي عدد المشركين وكانوا قريب الف أو مثلي عدد المسلمين وكانوا ثلاثمائة وبضع عشر وكان ذلك بعد ما قلّلهم في أعينهم حتّى غلبوا مدداً من الله للمؤمنين لو يرى المؤمنون المشركين مثلي المؤمنين وكانوا ثلاثة أمثالهم ليثبتوا لهم بالنصر الذي وعدهم الله به في قوله فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ويؤيّده قراءة التاء كذا قيل وإنّما يصحّ التأييد إذا كان الخطاب للمؤمنين دون المشركين رَأْيَ الْعَيْنِ رؤية ظاهرة معاينة وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ كما أيّد أهل بدر إِنَّ فِي ذلِكَ في التقليل والتكثير وغلبة القليل على الكثير لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ لعظة لذوي البصائر.
(١٤) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ أي المشتهيات سمّاها شهوات مبالغة وإيماء إلى أنهم انهمكوا في محبّتها حتّى أحبوا شهواتها كقوله تعالى حكاية من سليمان إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ القنطار ملأ مسك ثور ذهباً كذا في المجمع عنهما والمقنطرة مأخوذة منه للتأكيد كقولهم الف مؤلف وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ المعلّمة أو المرعية وَالْأَنْعامِ الإبل والبقر والغنم وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ المرجع وهو تحريص على استبدال ما عنده من اللذّات الحقيقية الأبدية بالشهوات المخدجة (١) الفانية.
(١٥) قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ يريد به تقرير ان ثواب الله خير من مستلذات الدنيا لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ ممّا يستقذر من النساء وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ بأعمالهم فيثيب المحسن ويعاقب المسيءَ على قدر استحقاقهم.
في الكافي والعيّاشيّ عن الصادق عليه السلام : ما تلذّذ الناس في الدنيا والآخرة بلذة أكبر لهم من لذة النساء وهو قول الله تعالى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُ
__________________
(١) أخدجت : قل مطرها ، والناقة بولد ناقص وإن كانت تامّة فهي مخدج «ق».