أَذىً كَثِيراً من هجاء الرسول والطعن في الدين وإغراء الكفرة على المسلمين وغير ذلك أخبرهم بذلك قبل وقوعها ليوطنوا أنفسهم على الصبر والاحتمال ويستعدوا للقائها حتّى لا يرهقهم نزولها بغتة وَإِنْ تَصْبِرُوا على ذلك وَتَتَّقُوا مخالفة أمر الله فَإِنَّ ذلِكَ يعني الصبر والتقوى مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ مما يجب ثبات الرأي عليه نحو إمضائه.
(١٨٧) وَإِذْ أَخَذَ اللهُ اذكر وقت أخذه مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ.
القمّيّ عن الباقر عليه السلام : يعني في محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ قال إذا خرج وقرئ بالياء فيهما فَنَبَذُوهُ أي الميثاق وَراءَ ظُهُورِهِمْ فلم يراعوه ولم يلتفتوا إليه والنبذ وراء الظهر مثل في ترك الاعتداد وعدم الالتفات ويقابله جعله نصب عينيه وَاشْتَرَوْا بِهِ أخذوا بدله ثَمَناً قَلِيلاً من حطام الدنيا واعراضها فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ.
في المجمع عن أمير المؤمنين عليه السلام : ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتّى أخذ على أهل العلم أن يعلّموا.
وفي الاحتجاج عنه عليه السلام في حديث يذكر فيه : أن أعداء رسول الله الملحدين في آيات الله (١) تأويل لهذه الآية وقد سبق ذكره في المقدّمة السادسة.
(١٨٨) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا يعجبون بما فعلوا من التدليس وكتمان الحق أو من الطاعات والحسنات وقرئ بالياء وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا من الوفاء بالميثاق وإظهار الحق والإخبار بالصدق أو كل خير فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ تأكيد وقرئ بالياء وضم الباء بِمَفازَةٍ بمنجاة.
__________________
(١) ولقد احضروا الكتاب كملا مشتملاً على التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ ولم يسقط حرف الف ولا لام فلما وقفوا على ما بينه الله من أسماء أهل الحق والباطل وان ذلك ان ظهر نقض ما عقدوه قالوا لا حاجة فيه نحن مستغنون عنه بما عندنا ولذلك قال فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ ثم دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم عما لا يعلمون إلى جمعه وتأليفه وتضمينه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم كفرهم فصرخ مناديهم من كان عنده شيء من القرآن فليأتنا به ووكلوا تأليفه ونظمه إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء الله والفه على اختيارهم وتركوا منه ما قد رأوا أنّه لهم وهو عليهم ورأوا ما ظهر تناكره وتنافره وانكشف أهل الاستعباد عوارهم وافتراؤهم.