وما عهد به إليه تسليماً وهذا ممّا أخبرتك أنّه لا يعلم تأويله الا من لطف حسه وصفا ذهنه وصح تمييزه وكذلك قوله سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ لأن الله سمى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم بهذا الاسم حيث قال : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ، لعلمه بأنهم يسقطون قول سلام على آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم كما أسقطوا غيره وما زال رسول الله صلّى الله عليه وآله يتألفهم ويقربهم ويجلسهم عن يمينه وشماله حتّى اذن الله عزّ وجلّ في ابعادهم بقوله وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً وبقوله : فَما لِلَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (١) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ. قال : واما ظهورك على تناكر قوله : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ. وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ولا كل النساء أيتام فهو ممّا قدمت ذكره في إسقاط المنافقين من القرآن وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن وهذا وما أشبهه ممّا ظهرت حوادث المنافقين فيه لأهل النظر والتأمل ووجد المعطلون وأهل الملل المخالفة للإسلام مساغاً إلى القدح في القرآن ولو شرحت لك كل ما أسقط وحرّف وبدّل ممّا يجري هذا المجرى لطال وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء ومثالب الأعداء.
أقول : المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت عليهم السلام إن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أُنزل على محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ومنه ما هو مغير محرف وإنّه قد حذف عنه أشياء كثيرة منها اسم عليّ عليه السلام في كثير من المواضع ومنها غير ذلك وأنّه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.
وبه قال عليّ بن إبراهيم قال في تفسيره : وأمّا ما كان خلاف ما أنزل الله
__________________
(١) قوله مُهْطِعِينَ : أي مسرعين عِزِينَ : أي فرق شتّى كان المشركون يحلقون حول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم حلقاً حلقاً «منه قدّس سرّه».