فهو قوله تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ. فقال أبو عبد الله عليه السلام لقارئ هذه الآية : خير أُمة تقتلون أمير المؤمنين والحسين بن علي عليهما السلام؟ فقيل له كيف نزلت يا بن رسول الله فقال إنّما نزلت خير أئمة أُخرجت للناس ا لا ترى مدح الله لهم في آخر الآية تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ. ومثله : إنّه قرأ على أبي عبد الله (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) فقال أبو عبد الله عليه السلام لقد سألوا الله عظيماً أن يجعلهم للمتقين إماماً فقيل له يا بن رسول الله كيف نزلت؟ فقال : إنّما نزلت واجعل لنا من المتقين إماماً. وقوله تعالى : لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ. فقال أبو عبد الله عليه السلام كيف يحفظ الشيء من أمر الله وكيف يكون المعقب من بين يديه فقيل له وكيف ذلك يا بن رسول الله فقال إنّما أُنزلت له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله. ومثله كثير قال : وأمّا ما هو محذوف عنه فهو قوله لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ في علي كذا أنزلت أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ، وقوله : يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في علي وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ، وقوله : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا آل محمّد حقهم لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ. وقوله : وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمّد حقهم أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ، وقوله ويرى الَّذِينَ ظَلَمُوا آل محمّد حقهم فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ ، ومثله كثير نذكره في مواضعه إن شاء الله.
قال : وأمّا التقديم والتأخير فإن آية عدّة النساء النّاسخة (١) التي هي أربعة أشهر وعشر قدّمت على المنسوخة التي هي سنة وكان يجب أن يقرأ المنسوخة التي نزلت قبل ثمّ الناسخة التي نزلت بعد. وقوله : أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً ، وإنّما هو وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ
__________________
(١) الآيتان متقاربتان في سورة البقرة واما الناسخة المتقدمة فهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً). وأمّا المنسوخة المتأخرة فهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ). منه قدّس سرّه.