وبيانه على قدر فهمك أن لكل إنسان من ابتداء حدوثه إلى منتهى عمره انتقالات جبلية باطنية في الكمال وحركات طبيعية ونفسانية تنشأ من تكرار الأعمال وتنشأ منها المقامات والأحوال فلا يزال ينتقل من صورة الى صورة ومن خلق إلى خلق ومن عقيدة إلى عقيدة ومن حال إلى حال ومن مقام إلى مقام ومن كمال إلى كمال حتّى يتصل بالعالم العقلي والمقربين ويلحق بالملإ الأعلى والسابقين إن ساعده التوفيق وكان من الكاملين أو بأصحاب اليمين إن كان من المتوسطين أو يحشر مع الشياطين وأصحاب الشمال إن ولاه الشيطان وقارنه الخذلان في المآل وهذا معنى الصراط المستقيم ، ومنه ما إذا سلكه أوصله إلى الجنّة وهو ما يشتمل عليه الشرع كما قال الله عزّ وجلّ : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) صراط الله وهو صراط التوحيد والمعرفة والتوسط بين الأضداد في الأخلاق والتزام صوالح الأعمال.
وبالجملة : صورة الهدى الذي أنشأه المؤمن لنفسه ما دام في دار الدنيا مقتدياً فيه بهدى إمامه وهو أدق من الشعر وأحدّ من السيف في المعنى مظلم لا يهتدي إليه الا من جعل الله له نوراً يمشي به في الناس يسعى الناس عليه على قدر أنوارهم.
وروي عن الصادق عليه السلام : أن الصورة الانسانية هي الطريق المستقيم إلى كل خير والجسر الممدود بين الجنّة والنار.
أقول : فالصراط والمار عليه شيء واحد في كل خطوة يضع قدمه على رأسه أعني يعمل على مقتضى نور معرفته التي هي بمنزلة رأسه بل يضع رأسه على قدمه أي يبني معرفته على نتيجة عمله الذي كان بناؤه على المعرفة السابقة حتّى يقطع المنازل إلى الله وإلى الله المصير.
وقد تبيّن من هذا أن الامام هو الصراط المستقيم وانه يمشي سوياً على الصراط المستقيم وأن معرفته معرفة الصراط المستقيم ومعرفة المشي على الصراط المستقيم وإن من عرف الامام ومشى على صراطه سريعاً أو بطيئاً بقدر نوره ومعرفته