حتّى نالوه (١) بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عزّ وجلّ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ثم كذّبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا فالزم النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم نفسه الصّبر الحديث.
والقمّيّ عنه عليه السلام : ما يقرب منه وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ قيل أي لمواعيده من قوله وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ من قصصهم وما كابدوا (٢) من قومهم.
(٣٥) وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ عظم وشقّ إِعْراضُهُمْ عنك وعن الإِيمان بما جئت به.
القمّيّ عن الباقر عليه السلام : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يحبّ إسلام الحرث بن نوفل بن عبد مناف دعاه وجهد به أن يسلم فغلب عليه الشّقاءِ فشقّ ذلك على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فأنزل الله هذه الآية فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ منفذاً تنفيذ فيه إلى جوف الأرض أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ أو مصعداً تصعد به إلى السماء فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ فتطلع لهم آية من الأرض أو تنزل آية من السّمَاءِ يؤمنون بها وجوابه محذوف أي فافعل والجملة جواب الشرط الأوّل والمقصود بيان حرصه البالغ على إيمان قومه وأنّه لو قدر على ذلك لفعل ولكنه لا يقدر نظيره فَلَعَلَّكَ باخِعٌ (٣) نَفْسَكَ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى بأن تأتيهم آية يخضعوا لها ولكن لا يفعل لخروجه عن الحكمة.
في الإِكمال عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم : يا عليّ إنّ الله قد قضى الفرقة والإِختلاف على هذه الأمّة وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمّة ولا ينازع في شيء من أمره ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله فَلا
__________________
(١) قوله نالوه بالعظائم يعني نسبوه الى الكذب والجنون والسّحر وغير ذلك وافتروا عليه.
(٢) الكَبَد بالتحريك : الشدّة والمشقّة من المكابدة للشيء وهو تحمّل المشاق في شيء.
(٣) أي قاتل نفسك بالغمّ والوجد عليهم.