انتهى كلامه وانّما قلنا أنّ القولين لا يساعده الأخبار لأنّها وردت : بأنّ الحرام ليس إلّا ما حرم الله. وتليت هذه الآية وذلك حين سألوا عن حرمة غير المذكور فيها من الحيوان ففي التهذيب عن الصادق عليه السلام والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : أنّه سئل عن الجرّي (١) والمار (٢) ما هي والزِّمّير (٣) وما ليس له قشر من السمك حرام هو فقال لي يا محمّد اقرأ هذه الآية التي في الأنعام قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ فقال فقرأتها حتّى فرغت منها فقال إنّما الحرام ما حرم الله ورسوله في كتابه ولكنهم قد كانوا يعافون عن أشياءٍ فنحن نعافها.
وعن الباقر والعيّاشيّ عن الصادق عليهما السلام : أنّه سئل عن سباع الطير والوحش حتّى ذكر له القنافذ والوطواط (٤) والحمير والبغال والخيل فقال ليس الحرام الا ما حرم الله في كتابه وقد نهى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر عن أكل لحوم الحمير وانّما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوها وليست الحمير بحرام ثمّ قال اقرأ هذه الآية قُلْ لا أَجِدُ الآية. وعنه عليه السلام : أنّه سئل عن الجرّيث فقال وما الجرّيث فنعت له فقال لا أَجِدُ الآية ثمّ قال لم يحرم الله شيئاً من الحيوان في القرآن الا الخنزير بعينه ويكره كل شيءٍ من البحر ليس له قشر مثل الورق وليس بحرام وانّما هو مكروه وعن أحدهما عليهما السلام : أنّ أكل الغراب ليس بحرام انّما الحرام ما حرّم الله في كتابه ولكن الأنفس تتنزّه عن كثير من ذلك تقززاً (٥) قال صاحب التهذيب قوله ليس الحرام إلّا ما حرم الله في كتابه المعنى فيه أنّه ليس الحرام المخصوص المغلظ الشديد الخطر إلّا ما ذكره الله في القرآن وإن كان فيما عداه أيضاً محرمات كثيرة إلّا أنّها دونه في التغليظ.
(١٤٦) وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ من دابة أو طير وَمِنَ الْبَقَرِ
__________________
(١) الجري بالجيم والراء المشدّدة المكسورة والياء المشددة اخيراً ضرب من السّمك عديم الفلس ويقال له الجريث بالثاء.
(٢) المارماهي بفتح الراء معرب وأصله حيّة السّمك.
(٣) الزمير كسكّيت نوع من السمك.
(٤) الوطواط الخطاف وقيل الخفاش والجمع الوطاوط.
(٥) التقزز بالقاف والزائين المعجمتين التباعد عن الدّنس والمبالغة في التّطهير.