(١٨٤) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ يعني محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم مِنْ جِنَّةٍ أي جنون روي أنّه علا الصفا فدعاهم فخذاً (١) يحذرهم بأسَ الله فقال قائلهم انّ صاحبكم لمجنون بات يهوت (٢) إلى الصباح فنزلت إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ موضح إنذاره بحيث لا يخفى على ناظر.
(١٨٥) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا نظر اعتبار فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ في باطنها وأرواحها وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ مما يقع عليه اسم الشيء من أجناس خلقه التي لا يمكن حصرها لتدلهم على كمال قدرة صانعها ووحدة مبدعها وعظم شأن مالكها ومتولي أمرها ليظهر لهم صحة ما يدعوهم إليه وَأَنْ عَسى وانه عسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ يعني في اقتراب آجالهم وتوقع حلولها فيسارعوا إلى طلب الحق والتوجه إلى ما ينجيهم قبل مغافصة (٣) الموت ونزول العذاب فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ بعد القرآن يُؤْمِنُونَ إذا لم يؤمنوا به والمعنى ولعلّ أجلهم قد اقترب فما بالهم لا يبادرون الإِيمان بالقرآن وما ذا ينتظرون بعد وضوحه فان لم يؤمنوا به فبأي حديث أحق منه يريدون أن يؤمنوا.
(١٨٦) مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٤) القمّيّ قال كان يكله إلى نفسه وقرء يذرهم بالياء وبه وبالجزم كأنّه قيل لا يهْدِه أحد غيره ويذرهم.
(١٨٧) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أي القيامة وهي من الأسماء الغالبة أَيَّانَ مُرْساها متى ارساؤها أي إثباتها واستقرارها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي استأثر (٥) به لم يطلع عليه
__________________
(١) الفخذ بالكسر فالسّكون للتخفيف دون القبيلة وفوق البطن والجمع أفخاذ.
(٢) هَوّت به تهويتاً صاح.
(٣) غافصه فاجأه وأخذه على غرّة.
(٤) العَمَه في القلب العمى في العين.
(٥) استأثر بالشيء استبدّ به وخصّ به نفسه.