لنفسي الصحّة والسلامة إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فانّهم المنتفعون.
(١٨٩) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ هي نفس آدم وَجَعَلَ مِنْها من فضل طينتها زَوْجَها حوّاء لِيَسْكُنَ إِلَيْها ليأنس بها ويطمئن إليها فَلَمَّا تَغَشَّاها جامعها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً خف عليها فَمَرَّتْ بِهِ أي استمرت بالحمل فَلَمَّا أَثْقَلَتْ صارت ذات ثقل بكبر الولد في بطنها دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً ولداً سويّاً بريئاً من الآفة لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ.
(١٩٠) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما وقرء شركاً بالمصدر فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ.
والقمّيّ والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : هما آدم وحوّاء وانّما كان شركهما شرك طاعة وليس شرك عبادة ، وزاد القمّيّ قال : جعلا للحارث نصيباً في خلق الله ولم يكن أشركا إبليس في عبادة الله بعد أن ذكر في ذلك حديثاً مبسوطاً رواه عن الباقر عليه السلام موافقاً لما روته العامّة فيه ممّا لا يليق بالأنبياء والمستفاد من ذلك الحديث أنّ معنى اشراكهما فِيما آتاهُما الله تسميتهما أولادهما بعبد الحارث والحارث اسم إبليس وإبليس قد حملهما على ذلك بتغريره وقيل معناه التسمية بعبد عزّى وعبد مناة وعبد يغوث وما أشبه ذلك من أسماء الأصنام ومعنى جَعَلا لَهُ جعل أولادهما شُرَكاءَ فيما أتى أولادهما على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه في الموضعين.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام : أنّه قال له المأمون يا ابن رسول الله أليس من قولك أنّ الأنبياء معصومون قال بلى قال فما معنى قول الله عزّ وجلّ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فقال له الرضا عليه السلام : إنّ حوّاء ولدت لآدم عليه السلام خمسمائة بطن في كلّ بطن ذكراً وأنثى وانّ آدم وحوّاء عاهدا الله تعالى ودعواه وقالا لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً من النسل خلقاً سويّاً بريئاً من الزمانة والعاهة كان ما آتيهما صنفين صنفاً ذكراناً وصنفاً اناثاً فجعل الصنفان لله سبحانه شُرَكاءَ فِيما آتاهُما ولم يشكراه كشكر أبويهما له عزّ وجلّ فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ فقال المأمون أشهد أنّك ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم حقّاً.