حضر المدينة وأهل العوالي والأَعراب ، فاجتمعوا فحجّ (٣) رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، وإنّما كانوا تابعين ينتظرون ما يؤمرون به فيتبعونه ، أو يصنع شيئاً فيصنعونه ، فخرج رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في أربع بقين من ذي القعدة ، فلمّا انتهى إلى ذي الحليفة فزالت الشمس اغتسل ، ثمّ خرج حتى أتى المسجد الذي عند الشجرة فصلّى فيه الظهر ، وعزم (٤) بالحجّ مفرداً ، وخرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأوّل فصفّ الناس له سماطين ، فلبّى بالحجّ مفرداً ، وساق الهدي ستّاً وستّين بدنة أو أربعاً وستّين ، حتى انتهى إلى مكة في سلخ أربع من ذي الحجّة فطاف بالبيت سبعة أشواط ، وصلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم ، ثمّ عاد إلى الحجر فاستلمه ، وقد كان استلمه في أوّل طوافه ثمّ قال : إنّ الصفا والمروة من شعائر الله فابدأ بما بدأ الله به ، وإنّ المسلمين كانوا يظنّون أنّ السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون ، فانزل الله تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) (٥) ثمّ أتى الصفا فصعد عليه فاستقبل الركن اليماني فحمد الله وأثنى عليه ودعا مقدار ما تقرأ سورة البقرة مترسلاً ، ثمّ انحدر إلى المروة فوقف عليها كما وقف على الصفا (٦) حتى فرغ من سعيه ، ثم أتى جبرئيل وهو على المروة فأمره أن يأمر الناس أن يحلّوا إلّا سائق هدي ، فقال رجل : أنحل ولم نفرغ من مناسكنا ؟ فقال : نعم ، فلمّا وقف رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) بالمروة بعد فراغه من السعي أقبل على الناس بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ هذا جبرئيل ـ وأومأ بيده إلى خلفه ـ يأمرني أن آمر من لم يسق هدياً أن يحلّ ولو استقبلت من أمري
______________________
(٣) في الكافي : لحج ( هامش المخطوط ) .
(٤) في نسخة : وأحرم ( هامش المخطوط ) .
(٥) البقرة ٢ : ١٥٨ .
(٦) في الكافي زيادة : ثم انحدر وعاد إلى الصفا فوقف عليها : ثم انحدر إلى المروة ( هامش المخطوط ) .