معه في هذه المواجهة وبعد امة من السنين :
(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ)(٤٦).
هنا (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) تصريحة منه ان الملأ كانوا يجهلون حق التأويل ، مهما كانوا يعلمون ظاهرا منه يعرفه كل احد ، أن هناك حادثة أليمة في أركان الملك تعم الرعية ، وفي ذلك فضحهم أن رؤياه أضغاث أحلام ، بل أنتم الأضغاث وأنتم الأحلام ، وليس الملك ليرى أضغاث أحلام! .. ثم ومما (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) هو فضله وبراءته إذ سجنوه على جهالة مدروسة من الحاشية الملكية ، وبعكس ذلك خيانة امرأة العزيز والحاشية التي زجته في السجن.
ف (أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) في البداية ، ثم (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) في النهاية تأكيد وتشجيع كيلا يتمنّع يوسف من تأويل نكاية عليه ، لماذا لم تذكرني عند ربك طول هذه الأمة فلبثت في السجن بضع سنين؟ ولكنه لم يلفظ بشطر كلمة حول القضية ، مما يدل على نبوة مقامه وبراءته عما افتري عليه من نسيانه هو ذكر ربه ، والتنديد عليه لماذا توسلت إلى عبد؟! ، ولا شرط أن يخرجوه حتى يفتي في رؤيا الملك خلاف ما يروى بشأن الرسول (١) (صلى الله
__________________
(١) في نور الثقلين ٣ : ٤٣١ عن المجمع وروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال : لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى اشترط ان يخرجوني ، ورواه مثله العياشي في تفسيره عن ابان عن محمد بن مسلم عنهما قالا إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ... أقول وليضرب عرض الحائط لمخالفته نص القرآن في يوسف فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أحرى!.